شبهات و بينات - عبدالباسط يحياوي

الأحد، 19 فبراير 2023

thumbnail

الألواح - العقيم -عاقر

 





ٰيبَنِىٓ إِسْرَٰٓءِيلَ ٱذْكُرُواْ نِعْمَتِىَ ٱلَّتِىٓ أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّى فَضَّلْتُكُمْ عَلَى ٱلْعَٰلَمِينَ 47 البقرة

القول في هذا الجزء وَأَنِّى فَضَّلْتُكُمْ عَلَى ٱلْعَٰلَمِينَ ليس معناه  وَأَنِّى فَضَّلْتُكُمْ عَلَى النَّاسِ ، فـــٱلْعَٰلَمِينَ هم العارفين والذين يعلمون في شتى ميادين المعرفة ( علماء وباحثين في جميع الميادين والاختصاصات) و يٰبَنِىٓ إِسْرَٰٓءِيلَ يمثلون البناء المعرفي لكّل من ألّف مسار ثابت ورؤية محكمة لنسج عمل جديد فبَنِىٓ إِسْرَٰٓءِيلَ لا يقبلون المعلومة أو الخبر هكذا دون تمحيص أو بحث ولا يقلدون الأولون فهم أصحاب فكر ومعرفة ويطرحون الأسئلة من أجل الوصول إلى الحقيقة .

الألواح

 في سورة الأعراف، النبي موسى أَلْقَى الْأَلْوَاحَ ثم بعد ذلك أَخَذَ الْأَلْوَاحَ، ماذا يعني ذلك؟ وهل هذه الحركة / الفعل مقتصر على موسى أم على كل شخص في كل زمان ومكان ؟

اسم السورة الأعراف لها دلالات والتي تفيد المعرفة.

 ما هي الألواح ؟ كذلك اللّحية ؟ الألواح خاصة بموسى بينما اللحية خاصة بهارون وكلاهما تفيد: ما لاح من معرفة وهذه الألواح فيها معايير ثابتة واضحة ومميّزة تعيننا على العلو العلمي وهذه هي الموعظة. وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا  بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا ۚ سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ (الأعراف 145 )

قَالَ يَا هَرُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (92) أَلَّا تَتَّبِعَنِ ۖ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي (93) قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي ۖ إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي (94)]طه

هارون كان منتبها ذو رؤية حكيمة لم يتصرّف تصرفا تكون نتيجته تفريق القوم بل حماهم من الوقوع في الفتنة نتيجة لحيته /ما لاح له من معرفة ووعي حيث نبّه فئة من بني إسرائيل أن عجل السامري ما هو إلا عمل باطل.

فـــــــأَلْقَى الْأَلْوَاحَ تفيد بأن المعرفة أو المعلومة التي لاحت له قد غابت( الغضب) عنه وبالتّالي لم تكن له القدرة على تلقي الفكرة أو المعلومة أما أَخَذَ الْأَلْوَاحَ ۖ متابعة ومواصلة المسيرة العلمية بعد زوال مسببات غياب المعلومة .  والغضب عموما له علاقة بالعجلة لأن في العجلة تغيب الأمور ولا تعد واضحة فيتحول الإنسان إلى غير عارف فيشقى ويعيش حياة المذلّة والندم.

 

وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَّمًّا ﴿19 الفجر﴾

 

التُّرَاثَ  عند التراثيين هو الميراث و أَكْلًا لَّمًّا هو  أكلا شديدًا لا تتركون منه شيئا،   هكذا بكل بساطة وتناسوا أن هذا الجزء من سورة الفجر تخاطب كل شخص ، فئة تعمدت وعن وعي الكتمان و التضليل وإبقاء الأحوال على حالها خدمة  لاستمرارية المصلحة  الفئوية وذلك بعد التقليب والدراسة .

والتراث أو التراثيين نجدهم في جميع المجالات والاختصاصات ( الدين، الفلسفة، الاقتصاد، السياسة ،التاريخ ...) فهؤلاء التراثيون هم حجرة عثر أمام أي تقدم وأمام أي فكر جديد يوضح أخطائهم فهم أي التراثيون  يعتمدون على  آليات لتسكّين أي عمل وإبطائه من أجل خلق عمل جديد .   والأكل هنا هو أكل معنوي، أي بعد تقليب الأمور ودراستها من جميع الجوانب وربط العناصر المشابهة مع بعضها ولمّها لنسج عمل جديد من أجل الوصول وتحقيق هدف ما له تأثير عبر الزمان. 

 

رَبَّنَا هَٰؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِّنَ النَّارِ ۖ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَٰكِن لَّا تَعْلَمُونَ  38 الأعراف

تقول كل كتب التفاسير بما فيها التفسير الميسر  " قال الله تعالى -لهؤلاء المشركين المفترين-: ادخلوا النار في جملة جماعات من أمثالكم في الكفر، قد سلفت من قبلكم من الجن والإنس، كلما دخلت النارَ جماعةٌ من أهل ملة لعنت نظيرتها التي ضلَّتْ بالاقتداء بها، حتى إذا تلاحق في النار الأولون من أهل الملل الكافرة والآخرون منهم جميعًا، قال الآخرون المتبعون في الدنيا لقادتهم: ربنا هؤلاء هم الذين أضلونا عن الحق، فآتهم عذابًا مضاعفا من النار، قال الله تعالى: لكل ضعف، أي: لكل منكم ومنهم عذاب مضاعف من النار، ولكن لا تدركون أيها الأتباع ما لكل فريق منكم من العذاب والآلام. " بمعنى هذا الكلام سيحصل في المستقبل، يوم الحساب وليس له علاقة بحياتنا الدنيا، هذه الحياة التي يعيشها الإنسان في الحاضر أو المستقبل. 

قلنا الضلال هو ما غاب عنا من حقائق ، فهو عمل تمّ  توجيهه لوجهة محددة  بعد أن تمت الإحاطة به و قطع الطريق عليه وحجزه لنسج عمل جديد فالذي يضلك هو شخص غيّب عنك الحقيقة ووجهك حسب مبتغاه وبالتالي أصبحت في ضلال  فالمعرفة عدوة الضلال .

والنار يوجد فيها الهدى لكل شخص يبحث عن الخلاص وَهَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى (9) إِذْ رَأى نارًا فَقالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدىً (10) طه ، فهؤلاء الذين دعوا ربّهم لا يقصد به أنهم طلبوا منه مضاعفة عذاب الذين أظلوهم بالمفهوم التراثي ، بل بالعكس هي دعوة / استدعاء آليات وطرق فيها خير ومصلحة ألا وهي تنقية هؤلاء  وتصفيتهم من أي شوائب فيها مضرة لهم ( التعذيب) وقد تمّ الأمر وصدر لأن عناصره موجودة إلى جانب أسبابه وبالتالي لم يبق إلا أن يتحقق في الواقع وهذا هو معنى فآتِهِمْ وهذه العملية تصير إلا بــ(ضِعْفَ ) بالبحث المتواصل وقال أو القول تفيد بأن الفكرة قد وصلت .

عموما سورة الأعراف /العارفين ، أصحاب المعرفة هؤلاء فقط هم من تفتّح لهم أبواب السماء ويدخلون الجنّة عكس الذين كذّبوا آيات الله واستكبروا عنها فهؤلاء لا يدخلوا الجنّة حتى يلج الجمل سمّ الخياط أي حتى يرسموا ويضعوا خط وطريق واضح بعد إزالة الموانع لكي يولجوا /يوصلوا ويلحموا أفكارهم وأعمالهم ليسموا بهم في طريق مستقيم .

 

العقيم

يقولون أن العقيم هو الداء الذي لا يُبرأ منه وقد ربطوا العقم بالإنجاب   وأنّ:

الرِّيحَ الْعَقِيمَ ﴿41 الذاريات﴾  هي التي لا تلقح سحاباً ولا شجراً

يَوْمٍ عَقِيمٍ ﴿55 الحج﴾ هو يوم  القيامة لأنه لا يوم بعده.

 عَجُوزٌ عَقِيمٌ ﴿29 الذاريات﴾ أي لم تلد قط

وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيمًا ۚ إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ ﴿50 الشورى﴾أيضاً لحكمة يعلمها الله يجعل من البشر من لا ينجب.فهو المانع وهو الرزّاق , والأبناء أرزاق كما هو المال تماماً

عقيم : حركة معاينة مكتملة تعين على العلو العلمي للتميّيز و التوضيح لها استمرارية في البعد الزمني ،ويمكننا قراءة لفظ عقيم بطريقة أخرى تعطينا نفس الفهم والذي له علاقة بالعلو والوضوح  : ع+قيم عمل مميّز وواضح ليس فيه اعوجاج به تقيم الحجة .

الريّح : حركة متكررة تتعاظم وتستمر لمدة زمنية محددة ثم تنتهي . الرِّيحَ الْعَقِيمَ هي القوّة الواضحة والمميّزة .

يوم : استمرار زماني-مكاني ينتهي بإتمام شيء ما. يَوْمٍ عَقِيمٍ عمل واضح ومكتمل استمر لفترة ما من الزمن .

عجوز: عمل واضح المعالم تسوده حياة مبهمة وجامدة على حالها ، فعجوز لا علاقة لها بسن أو عمر معيّن بل هي حالة ( فكرة/ شخص) يسيطر عليها الضعف وعدم القدرة على تحقيق أو الحصول على أشياء مادية أو معنوية عَجُوزٌ عَقِيمٌ عمل مميّز وواضح بعد أن كان مبهم وجامد على حاله.

أمّ عاقر ، فقلت في إحدى المرات بأنّها تفيد عائق متكرّر وهذا اللّفظ له علاقة بالنبي زكريا وزوجه والتي كانت تعاني مرضا ما  كان عائقا حيث  لا يقر حملُها في بطنها فتسقطه قبل أن يكتمل ، وهذا العائق يتكرر غير أن النبية  مريم أصلحت زوجه والنتيجة مولود وخلافا للعادة ليس ميتا بل حي لذا كان اسمه " يحي " .

 ٱلۡبِـــرَّ – الْبَــــرِّ – الْبَــــرُّ

ٱلۡبِرَّ هو الأشياء المخفية ، الغائبة عن أذهاننا ، غير مألوفة ( لاحظ الكسرة المخفية تحت حرف الباء) لَن تَنَالُواْ ٱلۡبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَۚ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيۡءٖ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِۦ عَلِيمٞ ( آل عمران 92) و ٱلۡبِرَّ له علاقة بالتقوى أي بذل مزيد من الجهد والقوة  في الشيء الذي في حوزتك من أجل مضاعفة تلك القوة لتخرج منها ما تريد وهذا لا يأتي إلا بالإنفاق وهو عمل تمّ إنشاءه من أجل فصل الأشياء والتحكم بها 

 لَّيۡسَ ٱلۡبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمۡ قِبَلَ ٱلۡمَشۡرِقِ وَٱلۡمَغۡرِبِ وَلَٰكِنَّ ٱلۡبِرَّ مَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ... أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ  الْمُتَّقُونَ ( البقرة 177 )

وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَن تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَىٰ ۗ وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(البقرة 189)

 

 ( الفتحة فوق الباء ) الْبَرِّ حركة متكررة تحمل في طياتها الحذر من أجل الوصول إلى رؤية محكمة وهذا الحذر مردّه الغموض، يحتاج إلى دراسة كل جوانبه وكل الاحتمالات من أجل فك الإحرام عنه ثم يتّم إشهار معالمه فالمسائل التي لازالت غامضة ومبهمة تبقى محرمة علينا وإذا خضنا فيها بدون علم ، بدون معرفة  كانت خطرا علينا  وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا (المائدة 96)

الْبَرُّ ، وسيلة /آلية نملكها تساعدنا على الرؤية الحكيمة وبه نصبح حكماء وهذا يتطلب أطوار /مراحل فيها بذل مجهود ، وهذا اللفظ ذكر مرة واحدة في المصحف اقترن بالرحيم إنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ ۖ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ ﴿28 الطور﴾.

النتيجة

إنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا ﴿5 الإنسان﴾

Subscribe by Email

Follow Updates Articles from This Blog via Email

No Comments

About