شبهات و بينات - عبدالباسط يحياوي

الجمعة، 21 ديسمبر 2018

thumbnail

الغراب و أبني آدم






الغراب ومسألة الدفن، ربطها الفقهاء و مفسري التنزيل الحكيم بقصة ابني آدم، وهذه القصة مذكورة لدى الملل الأخرى وإن اختلفت في التفاصيل وكلنا يعرف تقريبا  قصة ابني آدم وأحداثها وجريمة القتل وهي  الأولى في تاريخ البشرية ، بحكم أن آدم لديهم وكما يعتقدون ، أنه  أول مخلوق بشري تمت صناعته من التمثال الطيني بعد نفخة الروح فيه وحواء من ضلعه ، هذا ما توصل إليه الشرّاح وتبناه فقهاء و علماء هذه الأمة طبعا بالاعتماد على الاسرائليات ، و الذي يعاني تناقضا وخللا لا يقبله العقل .
قبل الحديث عن الغراب لا بد لنا أن نتطرق إلى ابني آدم بحكم ترابط الأحداث مع بعضها والى فهم الآية بعيدا عن التفاسير التقليدية، فقد :
-          اعتبروا ابني آدم شخصين ( قابيل و هابيل) ولو صحّ ذلك لكان على النحو التالي وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ قابيل و هابيل  بِالْحَقِّ ... غير أن المقصود هو مجموعتين من البشر بمعنى اسم جنسين من البشر .
-          عدم ذكر أسميهما مثل هاروط و ماروط أو جبريل و ميكائيل  يؤكد على أنهما ليس بشخصين  وسياق الآية يدل على ذلك... مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ... فهل يعقل أن عملية القتل لفرد واحد والتي حدثت منذ خلق آدم قبل آلاف السنين مرورا ببعث الله للأنبياء و الرسل إلى وقت ظهور بني إسرائيل ليقول لهم من قتل نفس بغير نفس أو من يفسد في الأرض  وأن الفترة الممتدة  والطويلة بين الجريمة الأولى ( القتل) حتى ظهور بني إسرائيل لم تقع عمليات قتل بين البشر ؟.
-          جاء  فعل التلاوة وهو أمر موجه للرسول في بداية الآية ليسقط كل الروايات والتي تخص هذه القصة من خارج النص القرآني، وهذه القصة من نبوءات النبي صلى الله عليه و آله (النبوة) و هذا النبأ أو الخبر الغيبي هو نبأ حقيقي و التلاوة كما هو معروف هي قراءة بصوت مسموع بدون زيادة و لا نقصان. 
-          فهموا أن القربان هو شيء يتقرب به إلى الله من ذبيحة أو غيرها ، وفي اللسان العربي نقول قرابين الملك أي وزراءه و جلسائه بمعنى أن هؤلاء  الأشخاص هم الذين يستطيعون أن يقربوك إلى الملك أي وسطائه   وَيُقَالُ : فُلَانٌ يَقْرُبُ أَمْرًا ، أَيْ : يَغْزُوهُ 
-          القربان نوع من الممارسة للتقرب من جهة ما أو تقريبها لك وذلك بعد عمليات مدروسة بمعنى لديك مخطط تتبعه للوصول إلى غاية أو هدف ولكن ربط لاحقا بالمسألة الدينية، فالقربان هو الفكرة مع ممارسة العملية للوصول إلى هدف معيّن.
-          قَرَّبَا قُرْبَانًا الفعل مبني للمجهول، فنحن لا نعلم نوعية القربان وبالتالي ليس له علاقة بالذبيحة للتقرب إلى الله. فلو كانت القضية مرتبطة بشخصين لقال قربانين أو قربانيهما.
-          خلو النص القرآني من الأسماء الموصولة الخاصة والتي تتعلق بالأسماء الخاصة (التي، الذي، الذين...) لكانت الآية وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ الذين قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا... وبالتالي نفهم أن الحديث عن شخصين معروفين فالنص يتحدث عن أشخاص وأحداث عامة وليست خاصة.
-          وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا..تمّ توظيف إذ بدل الذين وذلك لتصور سيناريو للعديد من الأحداث المتداخلة والمرتبطة بأسباب  وليس لحادثة واحدة بعينها.
-          أن الأعمال التي قامت بها الجهتين وما نتج عنها من أحداث ، ورائه إرادة فاعلة.
-          القصة أو الحادثة صارت بعد تقرب القربان باختيارهم وليس مفروض عليهم كما تشير الروايات ( الأب أو آدم هو الذي فرض نوعية القربان كبش أو خروف والآخر منتج نباتي قمح أو شعير).
-          القربانين منتوج زراعي هكذا قال الشرّاح ، ونحن نعلم أن اكتشاف الزراعة واستئناس الحيوان أخذ ألاف السنين حتى توصل إليهما الإنسان .  
-          الفاء السببية فَتُقُبِّلَ تدل على أن هناك أسباب جعلت قبول و عدم قبول( النتيجة)  ولم تستعمل الواو وتقبل من أحدهما و لم يتقبل .. فالآية  لا تسرد أحداث متقطعة كما استعمل  لفظة الآخر ولم يقل الثاني.
-          توظيف الفعل المضارع المستمر أقتل والذي يدل على التخطيط والقصد ( فمن قتل مؤمنا ... غير   فمن يقتل مؤمنا... الحالة الأولى عن غير قصد أما الثانية فبقصد أي بعد تخطيط).
-          استعمال نون التوكيد للدلالة على الإصرار والتخطيط للقتل لَأَقْتُلَنَّكَ ومحاولة القتل مرة أخرى بعد فشل الأولى كذلك استعمال لام التوطئة أو الاستقبال للدلالة أن عملية القتل ستحدث في المستقبل.
-          نلاحظ في بداية الآية حتى 27 وهي آية واحدة ولكن فيها أحداث كثيرة وتفاصيلها مرتبطة و متداخلة مع بعضها ( القربان، القبول، التخطيط للقتل..) لكي تعطينا فكرة  عن الصراع في الدنيا وهي سنة كونية ، فمن مجموعات بشرية صغيرة منتشرة هنا وهناك تتصارع في ما بينها حول مناطق نفوذ من أجل الماء أو الصيد ... أفرز هذا مجموعتين الأولى تعمل وفق قوانين الله والأخرى وفق قوانينها وهي التعدي على الآخر والسلب والاستعباد و القتل...
-          استمرت هذه السنة، سنة الصراع حتى يومنا هذا وتحت شعارات أو أسماء لتبرير القتل أو السيطرة و الاستعباد ( الحروب من أجل الثروة و مصادر الطاقة ، حرب العصابات للوصول إلى السلطة  باسم الدين أو حماية الإسلام...) 
-          القول جاء في التنزيل الحكيم 1723 مرة ، الغالبية العظمى تدل على إيصال الفكرة أو خلاصة المقصود والقتل لا تعني دائما القتل الفيزيائي وإنما معنوي كالمضايقة و المحاصرة والعمل المجهد...
-          عبارة المتقين تدل على الاستمرارية وأن العمل الدؤوب و المستمر ضمن قوانين الله يوصل إلى نتيجة ايجابية .
-          بسط : بالرجوع إلى معاجم اللغة ( عدم توظيف اللغة العربية من أجل مصلحة بل وضع المعنى ضمن إطاره وعدم الخروج عنه وذلك لعدم دعم فكرة من خارج النص، فإذا كان هذا المعنى غريب ولا ينسجم مع الآية يترك ، وعموما الذي له أدنى معرفة باللغة العربية سوف يشعر بذلك)  فبسط هو امتداد الشيء ويقال المكان بسيط أو بساط أي مبسوط ويد فلان بسط أي المنفاق ونقول كذلك بسيط العلم أي لديه سعة من العلم والمعرفة وبسط الشيء نشره و توسيعه وبسط اليد مدها .
-          بسط اليد جاء ثلاثة مرات في التنزيل الحكيم (سورة الأنعام الآية 93 وسورة المائدة الآية  11 وسورة الممتحنة الآية 02 )  ولها معنى واحد السيطرة و التخطيط للإيذاء وتشير إلى عملية متواصلة ، واليد في اللّسان العربي  هي أداة لإنفاذ الإرادة.
-          ما أنا بباسط يدي ...  يختلف عن ما أنا باسط يدي هذا التركيب يعبّر عن الإصرار في الوقت الحاضر و في المستقبل بأنه لا يريد الإيذاء و الاعتداء على الغير وبسط نفوذه والتوسع وهي غير متوقعة منه أصلا ولا يناسبه ، فهو يخاف الله ربّ العالمين ، فهذه الفئة مسالمة والقول كما قلت ليس باللسان وإنما الفكرة  أو الرسالة المراد إيصالها إلى الطرف المقابل( عدم الاعتداء والمضايقة ) .
-          مسألة الخوف من الله ( القوانين ) لم تأت عن طريق رسول أو نبي إنما هي فطرة في الإنسان العاقل الذي يميل إلى التحضر والأقل حدّة وعنف ، وعدم الميل إلى القتل و الاعتداء والسيطرة على الآخر وهذه  لم تأت منذ الوهلة الأولى أي منذ أن خلق البشر، هذه الصفة وجدت و إنما بدأت بالتدرج وأخذت آلاف السنين ، فهي فطرة في الإنسان  فكيف عرف هذا الإنسان أن القتل والأعمال المؤذية تؤدي إلى غضب الله ومن أين عرف التقوى إذا قبلنا أن آدم وذريته هم أول الخلق ؟ فالتدرج في السيطرة على أهواء النفس وكبح جماحها والعواقب الناتجة عن انفلاتها ، نلاحظه في الآية . ... لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ ۖ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (28إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ۚ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ .. هذا كلام في غاية الاتزان والخشية ، فهو صادر عن جهة عاقلة و عارفة وتعمل ضمن قوانين الله سبحانه و تعالى ، فهي تعرف النتائج وأن هناك عدالة الله والثقة به وأن هناك عقاب. فهناك تمييز بين الظالم و المظلوم.. فمعرفة النتيجة صادرة عن شخص متزن وفي وقتنا الحاضر تطرح مسألة الخير و الشر والصراع بينهما.
-          كل هذا القول الذي دار في ذهن كل واحد منهما والمتناقضان، ألم يكن باستطاعة قائله أن يفكر وبتصرف بطرق أخرى حتى ينتظر ويلاقي مصيره و هو القتل( المعنوي) ؟ هذا إذا كانوا شخصين فقط كما تصورها الروايات. مثلا إعطاءه ما يريد أو الهرب من ذلك المكان علما أن المسألة تتعلق بحياته ومستقبله.
-          الإصرار و التمسك بمبادئه( عدم الاعتداء وبسط نفوذه...) كان نتيجته الخسارة له ... فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ... ففي هذه الآية أراد الله أن يبيّن لنا أن التمسك بالمبادئ في بعض الأحيان مذموم وسلبي وفيه خسارة لصاحبه كذلك فتحت الباب للطرف الآخر للوقوع في الخطأ والظلم  وإلغاء الآخر ، فكان الأجدر أن تقاومه مقاومة سلبية كالهروب أو الهجرة و الانتقال إلى مكان بعيد عنه. فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ ليس القاتل وإنما المقتول ( قتل معنوي ) التعدي عليه وسلب ما يملك والسيطرة على منطقته... وهذا كله نوع من الخسران.
-          النفس البشرية كما نعلم أخذت ملايين السنين لتتطور وذلك للوصول إلى القيم السامية ونبذ العنف والسيطرة ولكن في نفس الوقت لابد أن تكون هناك قيم أخرى كالدفاع عن النفس ( البحث عن أماكن أخرى، الهرب من الخطر...)
-          فاء السببية استعملت في هذه الآية  6 مرات  للدلالة على أن الأحداث التي صارت مبنية على  أسباب أدت إلى وقوع الفعل(سبب ومسبب ونتيجة طبيعية) حيث نستنتج أن الأحداث التي صارت لم تتم في وقت قصير ( عرض) وإنما هناك ترابط بين الأحداث.

-          الغراب : فبعث الله غرابا ... فوجوده هو نتيجة لأسباب طبيعية ومسببات أدت إلى نتيجة طبيعية فهو يخضع لقانون طبيعي .
-          التفاسير و إن اختلفت في بعض التفاصيل غير أنها تروي كيف أنه بعد عملية القتل وهي الأولى في تاريخ بني آدم تركه في العراء و لا يدري ماذا يفعل به ، فخاف عليه من السباع فحمله في جراب على ظهره  لمدة سنة ورواية أخرى تقول مائة سنة  حتى أروح و ألتفت حوله السباع ، فبعث الله غرابين فاقتتلا وقتل واحد منهما الآخر فحفر حفرة بمنقاره في الأرض ودفنه( قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَٰذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي ۖ فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ . ) تفاسير لا علاقة لها بالسنن الكونية ولا المنطق وثوابت العقل.
-          القرآن يقول غرابا بينما التفاسير تقول غرابين / القرآن يقول يبحث في الأرض التفسير يقول يحفر في الأرض/ القرآن يقول يواري سوءة أخيه (يواري ما يسيء أخيه )/ التفسير يقول يدفن جثة أخيه .
-          الغراب تم إرساله رحمة للقاتل حسب التفسير فإلى جانب جريمته رحمه الله ببعث غراب لكي يعلمه عملية الدفن !  فلماذا لم يرحم الله القتيل بأن يبعث له حلا لينقذ حياته، وهي أهم ؟ والغراب هو الحاسم في هذه القصة.
-          القصة في القرآن لا تنسجم مع التفاسير .
-          الغراب من الجذر اللغوي غَرَبَ  غَرَبَتِ الشَّمْسُ تَغْرُبُ غُرُوبًا وَمُغَيْرِبَانًا : غَابَتْ فِي الْمَغْرِبِ وَالْغَرْبُ : الذَّهَابُ وَالتَّنَحِّي عَنِ النَّاسِ . وَقَدْ غَرَبَ عَنَّا يَغْرُبُ غَرْبًا وَغَرَّبَ وَأَغْرَبَ وَغَرَّبَهُ ، وَأَغْرَبَهُ : نَحَّاهُ . 
-          وَاغْتَرَبَ الرَّجُلُ : نَكَحَ فِي الْغَرَائِبِ ، وَتَزَوَّجَ إِلَى غَيْرِ أَقَارِبِهِ
-          والغراب( الطائر الأسود) العرب تقول فلان أبصر من الغراب وأزهى من الغراب وأصفى عيشة من الغراب ويقولون وجد تمرة الغراب لأن الغراب يتّبع أجود التمر فينتقيه ويقولون أشأم من الغراب وأفسده. لسان العرب  عموما نلاحظ أن الغراب مشتق من غَرَبَ و كلها تعني  البعد والابتعاد والتواري عن الأنظار وترك المكان ، لذلك نقول فلان في الغربة أي بعيد عن بلده ولكن المشكلة في الغراب لما يتمتع من صفات يحسد عليها  ( الزهو والصفاء في العيشة حدة البصر )  ينعتونه بأنه رمز للشؤم وهذا نتيجة للموروث الشعبي ، بل وصل الحد إلى قتله وذلك بالاعتماد على حديث مفبرك نسب إلى النبي ، مثل الخنزير المكروه والبغيض والذين يتلذذون في قتله و إبادته فهو حيوان مثله مثل بقية الحيوانات ، مفيد للطبيعة وبالتالي للإنسان والله حرّم أكل لحمه فقط. فإذا كان هذا الغراب الذي بعثه الله ليعلّم القاتل كيف يدفن أخاه حسب القصة المشهورة فلماذا لا يكون مقدس ومبجل وله حظوة وعزوة لدى الناس ، فقد قدّم لهم خدمة جليلة وفي الأخير ينعت بالشؤم و أنه طائر مذموم !!!...  .
الغراب هو صفة لكل كائن بعيد عن وطنه، فأي إنسان مهاجر نطلق عليه غراب، وأي حيوان مهاجر نطلق عليه غراب وأي طائر مهاجر نطلق عليه غراب.
الغراب في هذه الآية تمّ حصرها في الطائر المعروف ذو اللّون الأسود ، بينما في الحقيقة أنه تمّ ذكره نكرة (غرابا) مثل لفظة قربانا ، فبعث الغراب جاء نتيجة سلسلة من الأحداث الطبيعية ، فالإنسان رأى مجموعة من الحيوانات أو الطيور نتيجة حدث ما أو خطر ما يهدد بقائها تغيّر مسلكها وتتجه نحو أماكن أخرى جديدة عليها للبحث عن مواطن الكلأ أو أماكن دافئة للتعشيش و للتكاثر ، فالله حين قال  فبعث الله غرابا يبحث في الأرض ليس بمعناه الحفر أو النبش في الأرض وإنما البحث واكتشاف أمان جديدة .
لذا نستنتج بأن الغراب ما هو إلا صفة لكائن مهاجر يبحث و يسعى لإيجاد مكان أفضل. وهذه الآية تعطينا خبر كيف أن الإنسان الأول ومنذ عصور موغلة في التاريخ أنه بدأ يفكر في الهجرة و الانتقال إلى أماكن أفضل وذلك للبحث عن الغذاء أو الهرب من الأخطار التي تهدد حياته أو للتكاثر. وهذه الآية تعطيني الفكرة( القول ) التي توصلت إليها هذه المجموعة الأقل عنفا والتي لا تريد الاعتداء على الغير حين رأت مجموعة من الكائنات تهاجر إلى أماكن أخرى ( الغراب)  فالخسارة له حيث أنه سمح للفئة الأخرى بالاعتداء وبسط نفوذها ( القتل المعنوي) هذا من جهة ومن جهة أخرى أدى هذا التساهل والتسامح للطرف المقابل بالتمادي في  إظهار سوءته ( الاعتداء وممارسة العنف)  وكانت النتيجة الندم و الخسران  قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَٰذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي ۖ فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ
خلاصة:
هذه الآية من سورة المائدة، أعطتنا فكرة وخبر علمي وهي بداية الهجرات البشرية الأولى من إفريقيا ( القرن الإفريقي) ، ولا علاقة لها بالقصة العالقة و الراسخة في أذهاننا نتيجة التفاسير اللاعقلانية والمستمدة أصلا من الاسرائليات سواء لهذه القصة أو بقية القصص القرآني . فبعد دراسة الألفاظ وهي مفاتيح فهم هذه الآية ، يكون فهمنا لها منطقي و غير خرافي فالله سبحانه و تعالى أمرنا بالبحث و التقصي عن أحداث الماضي سواء طبيعية أو بشرية قال تعالى ( قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ۚ ).العنكبوت. وقال (وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ ۚ قُل لَّسْتُ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ (66لِّكُلِّ نَبَإٍ مُّسْتَقَرٌّ ۚ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (67 ( )الأنعام . وآيات أخرى، والقرآن لا يتناقض مع العلم بل سخّر لفهمه .
فالآية أعطتنا خبر عن الصراع وهي حالة طبيعية و الذي نشأ بعد ما ازداد عدد أفراد بني آدم (الهومو سابيانس بمختلف أنواعه) المتطور من نسخ قديمة وذلك حينما لا زولوا في مناطق معينة بإفريقيا ( القرن الإفريقي) ، وقد توصل علماء الانتربولوجيا أن أحد أسباب الهجرات الأولى للبشر من إفريقيا إلى خارجها الصراع بينهم حتى وصل إلى مرحلة الإبادة الجماعية  مما اضطر بعض الجماعات إلى الهجرة و الخروج خارج إفريقيا  

Subscribe by Email

Follow Updates Articles from This Blog via Email

No Comments

About