شبهات و بينات - عبدالباسط يحياوي

الجمعة، 21 ديسمبر 2018

thumbnail

نوح عليه السلام لم يعش 950 سنة


سيدنا نوح عليه السلام أول نبي ورسول من البشر أرسل إلى قومه وقد تمّ ذكره في التنزيل الحكيم ليدحض ويبيّن لنا القصة الحقيقية التي تم تحريفها إلى جانب ما تركته لنا الحضارات الغابرة من قصص وروايات حول هذا النبي ، وقصته المعروفة لدينا نحن المسلمون المؤمنون التي تم تأويلها بصورة غير منطقية لغويا وعقليا وعلميا مقارنة مع آخر المكتشفات.
اتبع المفسرون واستعانوا بالتوراة لإفهامنا أن سيدنا نوح عاش 950 سنة وأنه بنى سفينة عملاقة (أكبر من حاملة الطائرات) وأخذ من كل زوجين من الحيوانات وأن الطوفان غمر الأرض كلّها وفنت البشرية ... والقصة الخرافية معروفة ونسي هؤلاء المفسرين أن بإمكانهم خداع بعض الناس أو كلهم لفترة زمنية ولكن لا يستطيعون خداعهم كل الوقت.
أولا نبدأ بعمر سيدنا نوح عليه السلام
قال تعالى﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ ﴾العنكبوت14
 لننتبه جيدا إلى كلمة سنة وعام والمشكلة أن المفسرون ومن تبعهم لديهم فكرة الترادف في التنزيل الحكيم وهذه هي الطامة الكبرى !!! ومن المعروف أن التنزيل الحكيم ليس فيه كلمة زائدة في غير موضعها، فلديهم السنة هي عام والعام هي السنة.
ولكي نفهم ذلك علينا العودة إلى الماضي منذ بداية تاريخ التقويم الزمني، فقد كان الإنسان لا يعرف التقويم الشمسي ( السنة الشمسية) بسبب عدم توصله إلى امتلاكه أدوات تقنية لمعرفة ذلك، وقد اقتصر على استخدام القمر قال تعالى﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ ۚ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَٰلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ ۚ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾يونس 5
﴿ فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ۚ ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ﴾96 الانعام
﴿ وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّىٰ عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ ﴾39يس
ففي ذلك الوقت كان الإنسان يعتمد على دورات القمر فكان الشهر يعتبر سنة ، أما الحساب فهو العد ما قبل الحدث أو بعده. فالسنة في البداية هي الوحدة الزمنية لكثير من الشعوب بعد أن استقرت واستأنست الحيوانات وبدأت تمارس الزراعة فنشأت المدن والحضارات. ويتضح لنا ذلك في قصة سيدنا يوسف أن السنة كموسم زراعي فكانوا يزرعون ثلاثة مواسم في العام قال تعالى﴿ قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تَأْكُلُونَ (47) ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تُحْصِنُونَ (48) ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ (49) ﴾يوسف
إذا العام يحتوي على عدة سنين (مواسم )  
ثانيا مسألة " ولبث فيهم "
فصيغة لبث عادة لها ارتباط بالمكان نقول مكث فلان بالغربة 10سنوات  لا يعني ذلك أنه عاش 10 سنوات . قال تعالى:
﴿ وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِّنْهُمَا اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ فَأَنسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ ﴾42 يوسف.
﴿ فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ (143) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (144) ﴾الصافات
﴿ وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا (25) ﴾الكهف
أما " فيهم" تعني حسب حسابهم للزمن.

عندما كانوا يقدرون الزمن بالقمر يكون سيدنا نوح قد مكث في قومه يدعوهم إلى توحيد الله وعدم عبادة مظاهر الطبيعة وخاصة الشمس والقمر فـــ 1000 شهر بمعنى 1000 سنة  (الشهر القمري = سنة) 1000 /12= 83 عاما نطرح منها 50 عاما الباقي 33 عاما وهي الفترة التي مكث فيها سيدنا نوح عند قومه وهذا هو المناسب لسنن الله مع كل الأنبياء وفي كل العصور ومع كل البشر ، لذلك فإن نوحاً يذكر مع غيره من الرسل على هذا الوضع بدون تمييز له بشيء. وبعد اكتشافهم مع تطور المعرفة السنة الشمسية بدأ التعامل معها في التقويم الزمني وكذلك الشهور.
العام يحتوي على عدة سنين
الشهر القمري= سنة     12 سنة=عام
في سورة البقرة الآية 189:﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ ۖ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ۗ ... ﴾. إذن فما الأهلة إلا مواقيت للناس ومواقيت للحج،  وهكذا فإن تقدير القمر منازل إنما هو لنعلم عدد أيام الشهور التي سماها الله سنين في سورة يونس الآية 5 .
لنفترض أن سيدنا نوح عاش 950 سنة قضاها في إنذار أجيال متعاقبة من قومه وهم يكذبونه ويستهزئون به ويتعرض للضغط. فبقاء الرجل هذا العمر الطويل يرى فيه الناس تخلق وتموت وهكذا. ألا يدخله الملل والسأم والحزن، هذا بحد ذاته عذاب شديد وكيف يرضاه لرسوله الرشيد وبالتالي هو تكليف لا يطاق. ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّـهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ﴾وندعو الله بقوله﴿ رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا ﴾. البقرة 286
﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ﴾(14) العنكبوت
في هذه الآية هل لبث قوم سيدنا نوح ألف سنة إلا خمسون عاما حتى أخذهم الطوفان... !!!
أما مسألة السفينة (الفلك) وما حملت على ظهرها من أنواع الحيوانات من مختلف بقاع الأرض وأتباعه الذين آمنوا به فهي مسألة خرافية، وتفنن المفسرون في وصفهم لهذه السفينة طول السفينة ألف متر وعرضها خمسمائة متر وارتفاعها 25 مترا. معتمدين طبعا على الرواية التوراتية وأن الطوفان أتى على الأرض كلها وغمرها برمتها بجبالها وسهولها وحصل فيها فناء ... قصة طويلة وعريضة !.
قال الله تعالى:
﴿ وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا ۚ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ ﴾ هود (37)
﴿ فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ ۙ فَاسْلُكْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ ۖ وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا ۖ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ﴾ المؤمنون (27)
إذا صناعة الفلك كانت بأمر الله سبحانه وتعالى وبوحي منه (نبوءة) غير أن السؤال الذي يطرح نفسه ماهي المواد الأولية الداخلة في صناعته؟ والجواب في الآية التالية:﴿ وَحَمَلْنَاهُ عَلَىٰ ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ﴾(13)القمر
في المعاجم العربية:
الدِّسارُ : حَبْلٌ من لِيفٍ تُشَدُّ به ألواحُ السفينةِ والجمع : دُسُرٌ
ففي زمن سيدنا نوح عليه السلام كان المستوى الإنتاجي بسيط جدا فلم يكن هناك مسامير ولا حبال بل كان يستعمل الألياف الطبيعية وهي عبارة عن أغصان الأشجار الطرية تستعمل للربط وهي الدسر.
﴿فأَنجَيْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ﴾ (119) الشعراء
فلَكَ ثَدْيُ الفَتَاةِ : اِسْتَدَارَ فَصَارَ كَالفَلْكَةِ
الفَلَكُ : التل المستدير و حوله فضاء
الفَلَكُ : المدار يسبح فيه الجرم السماوي
فمعظم المعاجم العربية تشير الى الفلك بأنه شيء مستدير.
فالسفينة الضخمة المزعومة ما هي إلا فُلْك وهو جسم خشبي مستدير والفلك مشتق من فعل "فَلَكَ" أي الاستدارة وهذا الفلك عبارة عن عبّارة مائية وبدون مجاديف ولا شراع أو دفة التوجيه ففي عهد النبي نوح لم يتوصلوا الى هذه التقنية فنحن نتحدث عن صناعة بدائية، وكانت عملية التحكم به متروكة للتيار المائي حسب اتجاهه الطبيعي﴿ إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ (11) ﴾الحاقة. وكانت برعاية الله سبحانه وتعالى﴿ وَحَمَلْنَاهُ عَلَىٰ ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ (13) تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِّمَن كَانَ كُفِرَ (14) ﴾القمر.
قوم نوح لم يتعرضوا إلى فيضانات بل إلى طوفان والطوفان مشتق من طَوَفَ الطَّوْفُ : قِرَبٌ يُنْفَخُ فِيهَا وَيُشَدُّ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ فَتُجْعَلُ كَهَيْئَةِ سَطْحٍ فَوْقَ الْمَاءِ يُحْمَلُ عَلَيْهَا الْمِيرَةُ وَالنَّاسُ ، وَيُعْبَرُ عَلَيْهَا وَيُرْكَبُ عَلَيْهَا فِي الْمَاءِ وَيُحْمَلُ عَلَيْهَا ، وَهُوَ الرَّمَثُ ، قَالَ : وَرُبَّمَا كَانَ مِنْ خَشَبٍ . وَالطَّوْفُ : خَشَبٌ يُشَدُّ وَيُرْكَبُ عَلَيْهِ فِي الْبَحْرِ ( لسان العرب)
نفهم من ذلك أن النبي نوح صنع فلكا ليطفوا به في الماء الذي بدأ منسوب النهر بالارتفاع ، علما أن النبي نوح قد حذّرهم من ذلك مرارا و تكرارا  ونصحهم بالانتقال من هذا المكان غير أنهم لم يسمعوا نصائحه وتعنتوا وخاصة الملأ وأتباعهم من اجل مصالحهم الخاصة قال تعالى ﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا (5) فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا (6) وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا (7) ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا (8) ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا (9) نوح . رغم رؤيتهم لمنسوب الماء يرتفع في المنطقة التي يعيشون فيها وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ بمعنى أن منسوب الماء وصل إلى ثيابهم فقد أعماهم تكبرهم و تعنتهم عن ذلك .
هذا الارتفاع في منسوب مياه النهر مردّه إلى هطول الأمطار المتكرر ويوميا ، وهذا يعطينا فكرة أن المنطقة تمتاز بمناخ رطب ومطير قال تعالى ﴿ أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا (15) نوح. ماذا يعني ذلك ؟ هل يعني أنهم عرفوا أن للسماء سبع طبقات والتي اكتشفها العلم مؤخرا؟ نحن نتحدث عن فترة بدائية فكيف أمكن لهؤلاء أن يعرفوا ذلك ؟ السماء من سَمَوَ بمعنى العلو و الارتفاع والسماء في القرآن لها عدة معاني وهذا موضوع آخر . ما يهمنا هو أن قوم نوح عرفوا سبعة أشياء عالية وعبدوها ، هذه السبعة أشياء لها شكل جميل تظهر كلما توقف المطر وظهرت الشمس ، هذه الأشياء الجميلة هي قوس قزح فألوانه هي سبعة و مطبقة حسب التدرج من الغامق  إلى الفاتح  و مطبقة من حيث الشكل المقوس بحيث لا ترى تفاوت و مقوسة بعضها فوق بعض شكلا و لونا و تنسيقا و عندها نعرف لماذا قال تعالى  في الآية الأخرى من سورة الملك الآية 3  ﴿الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا ۖ مَّا تَرَىٰ فِي خَلْقِ الرَّحْمَٰنِ مِن تَفَاوُتٍ ۖ و لذلك فهم قوم نوح ماذا يقصد نوح بالسماوات السبع ، رغم ذلك عبدوا هذه الظاهرة الطبيعية .
حسب اعتقادي والله أعلم ، أن هذه القصة حدثت في نهاية العصر الجليدي الرابع ، تحديدا الهولوسين( الرطب و المطير) فعند نهاية كل عصر جليدي يذوب الجليد فيزداد مستوى مياه البحار في الارتفاع قد يصل إلى 120م وتقدمه نحو اليابسة مثل ما حدث  لمياه المحيط الهندي إلى الخليج العربي وابتداء تراجع تلك الأنهر إلى شط العرب في بلاد الرافدين قبل 10.000سنة تقريبا إلى أن تشكل الخليج العربي وأخذ شكله العام في الألف الرابع قبل الميلاد.
أما مسألة التنور﴿ حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ ۚ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ ﴾هود 40 . فقد جاءت كلمة تنور في معظم المعاجم العربية تدل على النار والإضاءة وكذلك تنور: شبه فرن في الأرض، مستدير، يخبز فيه. - تنور: مسيل الماء، طريقه.
التنور هي إشارة للنبي نوح عليه السلام ببداية الطوفان وبالتالي يجهز نفسه ولكن التنور هل هو ذلك الفرن في الأرض، المستدير الذي يخبز فيه؟ كما فهم الشرّاح !! والحقيقة غير ذلك فالتنور هو عبارة عن بركان ويتوقع أنه في منطقة نوح وفي الجبال التي تحيط بها كان يوجد بركان خامد وكانت إشارة الطوفان هي نشاط هذا البركان وقد عبر عنه وَفَارَ التَّنُّورُ، ونحن نعلم الآن أن الحمم البركانية المصهورة تفور في فوهة البركان وأن النشاط البركاني يمكن أن يرى من مسافات بعيدة. لذلك أطلق العرب على التنور الذي يخبز فيه هذا الاسم لأنه يشبه البركان في الشكل وما يحتويه من نار.
أما الحيوانات المبالغ فيها ما هي إلا بعض ما كان يتم تربيته في زمن سيدنا نوح من بط، دجاج الى جانب الأكل... مضاعفة ليكفيك أنت ومن معك لذا قال﴿ فَاسْلُكْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ ﴾ولم يكن هناك أنعام قد استأنست بعد (حمير، غنم، جمال، بقر...) وليست فيلة وأسود ودببه ونباتات.... !!!. كما أن الذين امنوا به هم قلة قليلة وهم أهله.
قصة سيدنا نوح تعطينا فهم السياق التاريخي لخط تطور الإنسان وأن البشرية تعلمت اجتياز العوائق المائية قبل أن تذلل الأنعام فكان اجتياز العوائق المائية وتذليل الأنعام الوسائل الوحيدة لانتشار الإنسان في الأرض، وقد بقيت هاتين الوسيلتين الوحيدتان لتنقل الإنسان حتى اختراع الآلة البخارية. وقد ورد هذا الترتيب في الآية﴿ وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ ﴾الزخرف 12.
قصة سيدنا نوح تعطينا الزمن الذي عاش فيه وذلك بالرجوع الى الآيات ، وهي فترة بدائية حيث كانوا يسكنون في بيوت بدائية مكونة من أغصان الأشجار و في الكهوف محاذية للأنهار كما بشر الناس ونبأهم بالبنيان و الاستقرار وممارسة الزراعة وتذليل الانعام﴿ وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا ﴾ نوح 12 من هنا نلاحظ البناء وهذا الاستقرار فعلا كان حاصلا حتى زمن هود وذلك في قوله: ﴿ وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ﴾ فهنا البنين لا تفهم على أنها الذكور من الأولاد ولكن تفهم من فعل “بَنَنَ” وتعني الثبات واللزوم والإقامة وهذه هي طبيعة الأبنية والبنيان. أما قوله:﴿ رَّبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا … ﴾نوح 28 فالبيت في اللسان العربي اسم جنس ولها أصل واحد وتعني المأوى وجمع الشمل. فليس من الضروري أن يكون البيت بنيانا إذ يمكن أن يكون كهفا. أما قوله:﴿ وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ﴾فهنا المال لا يعني النقد، بل جاء من فعل “مول” وتعني هنا أدوات الإنتاج البدائية وما يمكن أن يصطاده الإنسان ويجنيه من الطبيعة وفي القاموس نقول خرج إلى ماله: أي خرج إلى ضياعه وإبله.
نقول صدق الله العظيم فسيدنا نوح لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما (ولم يعش ألف سنة إلا خمسين عاما) ولكن حسب تقويم ذلك العهد وقائمة الملوك التي تم اكتشافها في العراق خير دليل مادي على ذلك كما أن مقولة أن الإنسان كان يعمّر طويلا وأنه يتمتع بطول القامة فهي فكرة باطلة، الديناصورات انقرضت منذ 60 مليون سنة وتم العثور على هياكلها كذلك البشر فقد تم العثور على هيكل عظمي شبه كامل عمره 3.5مليون سنة فلماذا لم يتم العثور على هذه الهياكل العملاقة إلى حد الآن؟.
-         نوح اسم شخص وليس سلالة بشرية أو جنس بشري.
﴿ وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا ۚ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ ﴾ هود (37)
﴿ فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ ۙ فَاسْلُكْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ ۖ وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا ۖ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ﴾ المؤمنون (27)
﴿ِإنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ ۚ  163 النساء
﴿يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وَأَصْحَابِ مَدْيَنَ﴾ 70 التوبة
﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ إِنْ كَانَ 71﴾ يونس
﴿َتَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَابُنَيَّ ارْكَبْ﴾ 42 هود
﴿مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ۖ وَأَخَذْنَا 7  الأحزاب
هذه الآيات وغيرها تذكر لنا بالاسم النبي نوح  وأنه نبي كبقية الأنبياء وعاش بين قومه بعكس من يقول أن نوح اسم جنس بشري  باعتماده على الآية التالية من سورة آل عمران ﴿إنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (33)﴾ صحيح ذكر آدم و آدم هو آخر نسخة متطورة عن أجناس بشرية سابقة ، وهذا لا يعني أن نوح اسم جنس بشري ، والاصطفاء لا يعني أن الله والذين فهموه كشيء والعياذ بالله أنه اختار فلان عوض فلان ، فالاصطفاء هو أن  العنصر صالح بذاته وتمّ اصطفاءه من بين عناصر أخرى أو هو صافي بطبيعته ولكن فيه شوائب تمت تنحيتها. فالنبي نوح اتبع القوانين الإلهية والله هي الكلمة المفتاحية في كل آيات المصحف لو فهمناها لاتضحت لنا العديد من المسائل .
الاجتباء: العنصر نفسه صالح غير أنه به عطل خرج عن القانون( الله)  فتّم إرجاعه.
الله هو مسبب الأسباب ( القانون)
النبي نوح و اكتشافه نظام الطفو على سطح الماء و منها اخترع أول قارب و سيبقى اختراعه إلى الأبد شاهداً مؤثراَ في الإنسانية فقد عجز معاصروا نوح اكتشاف ذلك النظام و في نفس الوقت لم يستطيعوا الاستغناء عن هذا الاختراع.

Subscribe by Email

Follow Updates Articles from This Blog via Email

10 Comments

avatar

لا أوافقك الرأي أخي في أعتبار السنة شهراً، فعلى زمن الرسول كانت السنة مثل السنة الان، فالله يعلم بالتأكيد أن الجميع سيفهم أنها 950 سنة وليس شهراً، فلماذا ذكر السنة على زمان سيدنا نوح وهو يعلم أن الجميع سيفهمها على أنها سنة بالمعنى الحالي ، وما يؤكد أن السنة في القرأن تعني سنة بمفهومها الحالي هو هذه الآيات : الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5) وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (6).

Reply Delete
avatar

لا ارتاح لهذا التفسير

Reply Delete
avatar

كلام كله محض خطأ كل المفسرين لا يفهمون وأنت وحدك تمتلك الحقيقة التى أجمع ملايين العلماء على خلافها؟ لا تستحق عناء الرد ولكن لإخوانى الذين يقرأون أنبههم أن الكاتب من دعاة خرافة التطور ، حيث يقول إن آدم هو آخر نسخة معدلة لكائنات بشرية سابقة ، وهذا ضد ضد صريح الكتاب والسنة والمعلوم من الدين بالضرورة فالله خلق آدم بيده من تراب واقرأوا سورة البقرة والأعراف وغيرها لتعلموا أنه دجال من أذناب الغرب الكافر الذين يريدون هدم الإسلام بالطعن في الكتاب والسنة عبر شبهات زائفة ميتغلين انصراف الكثيرين عن العلم الشرعى ، ولكنى أبشره وغيره أنكم مهما أنفقتم لتصدوا عن سبيل الله وتطفئوا نوره فالله متم نوره ومهما فعلتم فسيكون خزى لكم وحسرة في الدنيا قبل الآخرة
ولإخوتى المسلمين فمهما قصرنا فإننا نعلم يقينا بأننا على الحق بل إن طمع هؤلاء في اضلالنا يثير حفيظتنا ويعلى همتنا للتمسك بديننا الحنيف الوحيد الذي له أصل ثابت متصل بالله جل وعلا بكتابه الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد

Reply Delete
avatar

اخى العزيز هذا الكلام خطأ لسببين رئيسيين
1.القرآن نزل فى أهل العرب ونزل بالشكل واللغة والارقام التى يفهموها فى ذلك الوقت فلا يمكن ان يخاطبهم الله باللغة او طريقة حساب لا يفهموها فكيف لهم ان يعلموا الحسبة التى انت تتكلم عنها وهى بعيدة جدا عن بلاد العرب وعلى الطرح الذى طرحته هذا يعنى ان أهل الكهف لم يمكثوا فى الكهف 309 سنة ولكن مكثوا فى الغالب وقت قصير جدا وهنا لا نعتبر اهل الكهف معجزة ولا يجب على الناس ان تنتابهم الدهشة ولا تذكر فى القرأن اصلا وكذلك معجزة النبي عزير بانه نام 100 سنة وهذا معناه انها لم تكم معجزة
فللاسف الطرح الذى طرحته لا يمكن ان يقبله عقل ابد ،القرآن اتى باللغة وحساب فى غاية السهولة ولا يحتاج الى تفكير وتنطع بهذا الشكل
2.

Reply Delete
avatar

أولا القرآن لم ينزل لأهل العرب بل للناس أجمعين ولا نعرف أين عاش النبي محمد خاتم النبيين و متى توفي ، زد على ذلك نزل بلسان عربي مبين و ليس باللغة العربية وكانت الناس في عهده يفهمون السور ويناقشون النبي ويحاولون أن يكذّبوه لأنهم يعرفون أنّه على حق وهؤلاء هم أصحاب علم ومعرفة " بنو اسرائيل " فالنبي لم يرسل إلى أصحاب الناقة و البعير أجلاف الصحراء بالنسبة لأصحاب الكهف لي بحث في صفحتي هذه .

Reply Delete
avatar

اذا كان الطرح غير سليم فما سبب ذكر السنه والعام في نفس الايه

Reply Delete
avatar

لقد بيّنت في هذا المنشور أن نوح عاش 33 سنة بالاعتماد على التقويم القديم للإنسان وهو التقويم القمري قبل أن يعتمد التقويم الشمسي ، وهذا رد على شبهة أن نوح عاش950 سنة وهو أمر مستحيل ، فالانسان مهما عاش لن يتجاوز 150 سنة كأقصى تقدير ، وللعلم انا لا اثق في كتب التاريخ إطلاقا ولكن أحببت أن أعتمد على مراجع التي يعتمدها التراثيين
عندما كانوا يقدرون الزمن بالقمر يكون سيدنا نوح قد مكث في قومه يدعوهم إلى توحيد الله وعدم عبادة مظاهر الطبيعة وخاصة الشمس والقمر فـــ 1000 شهر بمعنى 1000 سنة (الشهر القمري = سنة) 1000 /12= 83 عاما نطرح منها 50 عاما الباقي 33 عاما وهي الفترة التي مكث فيها سيدنا نوح عند قومه وهذا هو المناسب لسنن الله مع كل الأنبياء وفي كل العصور ومع كل البشر ، لذلك فإن نوحاً يذكر مع غيره من الرسل على هذا الوضع بدون تمييز له بشيء. وبعد اكتشافهم مع تطور المعرفة السنة الشمسية بدأ التعامل معها في التقويم الزمني وكذلك الشهور.
العام يحتوي على عدة سنين
ولكن حسب اللسان العربي المبين (( فلبث فيهم الف سنة ..... الا خمسين عاما )) فالألف في القرآن الكريم تعني جمع الاشياء والتأليف بينها..الألف = التأليف بين الاشياء واجتماعها والسنة هي السنن الإلهية لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ [الأنفال:63] فألف سنة ، التجميع وتأليف المعارف وكل شيء له علاقة بالمعرفة و النور
وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَىٰ حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا ۚ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سنة 96 البقرة يعمر ألف سنة = انما يعمر مساجد الله
الا خمسين عاما = ما عدى الذين يسيرون و يسلكون و متشبثين بمسار الآباء الذي عمّ عليهم
فنوح عاش مثل بقية الخلق وكأي انسان عادي

Reply Delete
avatar

لدي تعليق على ما قيل لو سمحتم. لم لم يقول الله "٣٣ عاما"؟ ثانيا، لم يستخدم الله تقويما ليس هو التقويم المستخدم عند انزال القرآن ؟ ثالثا، ما تفسيركم للتعليق على استخدام المفرد سنة في سورة الروم؟

Reply Delete
avatar

المشكلة ان تؤصل قواعد قم ترتكز عليها وتستكمل فكرتك لتعارضك مفاهيم ثابتة فتضطر لتؤصل قواعد وتستكمل وهكذا .. هب ان قاعدة واحدة من قواعدك خطأ . تخيلت اين ستحط بنا افكارك .؟؟؟

Reply Delete
avatar

الكاتب محق فيما يقول، لأن الله سبحانه وتعالى يوم ان قرر أن يجعل في الارض خليفة، جعل العدل بين جميع البشر في كل صغيرة وكبيرة، مصداقا لقوله تعالى لن تجد لسنة الله تبدأ ولن تجد لسنة الله تحويلا، فكل البشر خلقوا على صفة مشتركة بينهم، من آدم عليه السلام الى قيام الساعة، هو نفسه نفس الانسان بجميع الصفات.

Reply Delete

About