شبهات و بينات - عبدالباسط يحياوي

الجمعة، 31 مايو 2019

thumbnail

أصحاب الكهف بعيدا عن الخرافات




قصة أصحاب الكهف هي من القصص التي ذكرها الله إلى جانب قصة النبي موسى و العبد الصالح و قصة ذو القرنين و قصة الرجل صاحب الجنتين و التي جاءت في سورة واحدة هي سورة  الكهف ، وبعيدا عما ألف وكتب حول هذه القصة والمسلسلات و الأفلام والتي تنّم عن جهل وعدم دراية بتدبر القرآن وفهم أحداث القصص القرآني بعيدا عن الخرافات ، هذا القرآن  الذي نزل على النبي ليصحح ما جاء في كتب وحكايات الأولين  ويعطينا الخبر اليقين .
لفهم القصة ، وجب معرفة مفاتيحها والاعتماد على ألفاظ الآيات ، فإذا فهمناها ووضعناها ضمن سياقها تتضح لنا القصة الحقيقية وأنها لم تخرج عن سنة الله في خلقه لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ . وذلك بعيدا عن التشويش الذي يشوبها .
-          من هم هؤلاء الفتية وكم عددهم ؟
-          هل صحيح أنهم ناموا في الكهف  ؟
-          المدة التي قضوها في الكهف
-          مسألة تقليبهم ذات اليمين و ذات الشمال
-          كلبهم ومسألة بسط يديه وهل كان في وسطهم  ؟
-           ضربنا على آذانهم ومسائل أخرى
العامود الفقري للقصة هي إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا (10)...الى قوله تعالى  وَرَبَطْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَٰهًا ۖ لَّقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا (14هَٰؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً ۖ لَّوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِم بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ ۖ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا (15) إِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقًا (16)
-          الله سبحانه و تعالى سماهم  فتية ، والفتية أو الفتى في المصحف دلالة على أنه خادم أو تابع لسيده ، هؤلاء الفتية تعرضوا لنوع من الضغط والاستغلال والاضطهاد  من أناس مشركين بالله لذا قرروا أن يعتزلوا مجتمعهم ، فاختاروا مكانا يعرفونه  وبعيد عن المدينة  وهو الكهف  طالبين من الله زيادة في الرحمة و الرشد وثبات النفس والطمأنينة  و  يعتبر الكهف ملجأ ( مادي و معنوي ) ، وقد تكون الفترة أو الوضع العام للمكان الذين يعيشون فيه يمر بفترة كساد اقتصادي ، لأنهم لما غابوا لم يسأل عنهم أي أحد لا سيما  هم من طبقة العملة السخرة  يعملون بأجرة متدنية و من الخدم ليس لديهم قيمة لدى مملوكيهم يخدمونهم مقابل الأكل و المأوى .
-           معنى فَضَرَبْنَا عَلَىٰ آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا   هل معنى ذلك أنهم ناموا ؟
" الضرب" هو إيقاع كتلة على كتلة للوصول إلى نتيجة معينة ( عملية ضرب حسابية، ضربت الدولة حصارا على العصابات الإجرامية، ضرب العملة ...)
" الضرب على" إيقاع كتلة  معينة لتغطية كتلة جزئيا أو كليا قال تعالى ( ضرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِّنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ (112) آل عمران
(اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ ۗ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ۗ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ۗ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ (61) البقرة .
-          الضرب على الآذان هو نوع من التغطية الخارجية، فهو لا يعني الضرب على السمع الداخلي فهناك فرق بين الأذن و السمع.
الأذن من أَذَنَ  والأذن البشرية هي التي تسمح أو تأذن للصوت بالمرور إلى مركز وعي الإنسان  فتكون النتيجة صورة واضحة نتيجة السمع ( الصورة الصوتية ) التي حولها وذلك ضمن الخبرة لدى الإنسان. وعلى هذا الأساس نفهم أن الأذن هي الواسطة بين المحيط الخارجي والوعي الداخلي فهي تمثل القسم الخارجي لحاسة السمع .
-          السمع هو حركة، القصد منها ملاحظة ما هو موجود ضمن محيطنا والتأكد منه عنصرا عنصرا وذلك لاتخاذ قرار للتعاطي معه كليا أو جزئيا ويأتي هذا العمل بعد استلام الصوت بواسطة الأذن أو سائر الحواس الأخرى. فالذوق ينتهي بالسمع والبصر ينتهي بالسمع ...إلخ فالمسموع ليس بالضرورة أن يكون صوتا وإنما الفكرة، فالإنسان حين يقرأ بصمت  فهو يقوم بعملية تلاوة يلقيها على نفسه فيسمعها داخليا كذلك بالنسبة لشم الروائح وبقية الحواس التي تقوم بعملية اختبار للأشياء التي تتحول إلى  أفكار وتحليلها في الذهن ، فالسمع هو غاية الإدراك وفهم الأمور بشكل كامل .
-          الأذن هي المدخل الخارجي الرابط بين الأصوات في المحيط الخارجي .
-          السمع الرابط الداخلي بين محيط الإنسان بمختلف أشكاله الواصلة عن طريق الحواس ووعيه فهو رابط داخلي بين المحيط و الوعي.
-          تعطل الأذن لا يعني عدم السمع فهناك الكثير من الصم يتفاعلون مع محيطهم فسمعهم لم يتعطل و إنما الأذن هي المعطّلة.
-          الآية تقول ضربنا على آذانهم و لم تقل سمعهم ، فالإنسان حين ينام يضرب على سمعه فهو لا يستطيع أن يحلل ويستنبط الأشياء ويصل إلى نتائج و بالتالي فإن أصحاب الكهف لم يناموا أو دخلوا في سبات عميق وإنما صارت عملية فصل بين سمعهم الداخلي و مجتمعهم .
-          القرآن أعطانا آيات تشير إلى العزل الداخلي ( السمع )  قال تعالى ( وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ ۖ وَجَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا ۚ وَإِن يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَّا يُؤْمِنُوا بِهَا ۚ حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَٰذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (25) الأنعام. وقال  ( وَجَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا ۚ وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَىٰ أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا (46) الإسراء.
ملخص هذه الآيات أن المتلقي لا يستطيع أن يتفاعل مع ما يسمع بأذنه بسبب غفلته.
فأصحاب الكهف صارت معهم عملية تغطية خارجية  وليست سبات أو نوم  ومما يؤكد ذلك   فَضَرَبْنَا عَلَىٰ آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا (11)  لقد تكرر مصطلح الكهف مرتين ذكر في الآية 10 فلماذا هذا التكرار فنحن نعلم أنهم في الكهف والغاية من ذلك هو التأكيد على أن الكهف هو حاجز أو حيلولة بينهم و بين عالمهم الخارجي ومجتمعهم الذي اعتزلوه وعدم سماعهم بأخباره  مع مرور الوقت و الزمن وهذا هو الضرب على الآذان.
الآية التالية( إِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقًا (16)
- هذه الآية تشير إلى أن هناك تفاعل في بيئتهم الجديدة  وأنهم ليسوا  نيام وليس القصد أن الله سيحفظهم و هم في سبات( مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقًا )  وسياق الآيات التالية تؤكد ذلك فحركة الشمس في غروبها و شروقها والتي تعطيهم الضياء و الدفء وهم في فجوة الكهف وليس بداخله المظلم والمرفق جاءت من كلمة رَفَقَ والتي تشير إلى التفاعل و الانسجام في المحيط والرفيق هو الذي تربطك به علاقة خاصة تجعلكما ترعيان بعضكما ببعض ، ومرفق اليد يساعدها على الانسجام و الحركة  وبالتالي مرفقا التي وردت تشير إلى أن الله سبحانه و تعالى سيسهل عليهم معاشهم في الكهف فهم لن يتعرضوا إلى المجاعة أو العطش بعد ما اتخذوا قرارا جماعيا بانعزالهم عن مجتمعهم بل سيجدون مرتفقا جيدا  من قبيل أرض يزرعونها أو حيوانات يمكن رعيها و تربيتها ونبع مياه لا سيما أنهم في منطقة جبلية فيتعاونون مع بعضهم ويؤسسوا مجتمعا صغيرا  
- أيقاظا و هم رقود، الرقود من رقد أي الموضع  بمعنى المستقر في المكان والإقامة، وأيقاظا من يقظ نقول رجل يقظ إذا كان متيقظا كثير التيقظ فيه معرفة وفطنة –لسان العرب –
- نقلبهم ذات اليمين و ذات الشمال . القلب من قَلَبَ إعادة الحركة بعكس الاتجاه قالت العرب القلب تصريف الأمر من وجه إلى وجه .
لذا فالتقليب يكون ماديا أي للأشياء أو معنويا للأفكار و الخواطر . /  
وقلب الشيء تصريفه وصرفه عن وجه إلى وجه كقلب الثوب ، وقلب الإنسان سمي كذلك لكثرة تقلبه  ويعبر عن المعاني التي تختص به من الروح والعلم و الشجاعة  وغير ذلك – الراغب الأصفهاني –
والقلب في المصحف ليس بتلك العضلة وإنما القلب الذي يقلب الأمور ( العقل و التفكير)  مثل قوله( ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ (3). المنافقون  أو كقوله تعالى ( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24). محمد أو ( أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا ۖ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (46) الحج . والكثير من الآيات، والقلوب التي في الصدور لا يعني ذلك الجهاز( العضلة القلبية) وإنما الرأس أو الجمجمة والتي بداخلها قلب( المخ) حيث تصير فيه عمليات التفكيك و التحليل والربط أي العقل .
فلآية تشير إلى التقليب المعنوي ، فهذه المجموعة التي تركت مجتمعها وانعزلت عنه كانت نتيجته تقلب آراءهم تارة تضعف أنفسهم وتارة تقوى بسبب الوضع الجديد والقلب ومشتقاته في المصحف كثيرة تشير إلى تغيير الرأي أو تقليب الأمور.  
-          اليمين ليس المقصود به الجهة أو الجانب وإنما يرمز إلى القوة و الثبات عكس الشمال الذي يرمز إلى الركون و الضعف،  فالمسألة مرتبطة بالعزيمة والإرادة ولا علاقة لها بالأجسام  والتي فهموها لكي لا تتقرح وتتفسخ، لذا فإن الله يقلبهم ذات اليمين و ذات الشمال( الأفكار)  والدليل على ذلك كان بالإمكان أن تأت الآية بالصيغة التالية: نقلبهم يمينا و شمالا  أو على جنوبهم وظهورهم حتى نفهم أن المسألة متعلقة بالأجسام .
- مسألة الكلبالكلب في هذه الآية، هل المقصود به ذلك الحيوان الأليف الوفي، صديق الإنسان أم يقصد به شيء آخر؟ ما هو إلا صفة لأحد الفتيان له صفات يتميز بها عن بقية الفتية، فالكلب ما هو إلا شخص يحوي تكتل ما تآلف وتوافق في إطار ومحتوى للحم وتوصيل لنسج حركة واعية جديدة بارزة وبادئة للعيان وما الكلب إلا شخص ذو حكمة ورؤية وموجههم وقائدهم .

 
َتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ ۚ  لا يقصد بهذه الآية و كما فهموها أنهم نيام بل ببساطة أن هذه المجموعة من الفتية بسبب عزلتهم عن مجتمعهم لم يعد لديهم أية فكرة  أو دراية عن الإحداث التي تدور فيه  فهم شبه غائبين عن الواقع ، ذو أفكارهم متقلبة .
-          ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَىٰ لِمَا لَبِثُوا عَدَدَا هناك فئتين من الناس لهم دراية بالموضوع ويعلمون بأن هناك مجموعة من الناس اختفوا في مرحلة من المراحل بمعنى أنهم عاصروهم ويعرفوهم غير أنهم لا يدرون أين ذهبوا ، لذا صار جدال بين هذين الحزبين واختلفوا في المدة فقسم يقول هاجروا وقسم آخر يقول ماتوا ... أما مسألة البعث و التي ربطوها بالموت فهذا لا ينطبق مع نسق الأحداث ، فبعد عدد من السنوات عادوا الى مدينتهم وظهروا من جديد فبنسبة  للحزبين المختلفين يعتبر وكأنهم عادوا من الموت بعد غياب طويل وبدون أخبار عنهم . فمن غير المنطقي أن يتجادلوا في حدث مرّ عليه قرون لا سيما  أن هؤلاء الفتية لا قيمة لهم في مجتمعهم الذي نبذهم من أجل ذلك اعتزلوه . فالحزبين ليسوا من عاصر النبي عليه الصلاة والسلام وإنما الذين عاصروا أصحاب الكهف.
لنفترض أن الحزبين اختلفوا في عدد السنين والذي يعد بالمآت ، قسم منهم قال لقد لبثوا 298 سنة والقسم الآخر قال لبثوا 305 سنة ، أيعقل من أجل 7 سنوات يختلفون عليها ويتجادلون ، فما أهمية ذلك ؟  فالجماعة ظلوا قرون ، ولكن القيمة و الأهمية يكمن في الاختلاف على عدد من السنين القليلة ، كأن يقول الفريق الأول ظلوا بالكهف 10 سنوات والفريق الثاني يقول 14 سنة لماذا ؟ لأن الفريق الثاني سيبرهن على صحة كلامه بأن قبل 10 سنوات كان يحكمها حاكم عادل ولا يظلم الناس ولكن قبل 14 سنة كان هناك حاكم ظالم ومشرك بالله وكان يضطهد المؤمنين مع أعوانه ... فالاختلاف هنا له معنى. 
فَضَرَبْنَا عَلَىٰ آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا الله سبحانه و تعالى أعطانا كم لبثوا في الكهف ، فالمدة هي بعض سنوات وليس قرون وقد ورد مصطلح سنين في عدد من الآيات ليبين لنا فترة زمنية معدودة وليست بالطويلة مثل ما حصل .
وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا   فلو أراد الله سبحانه و تعالى أن يبيّن لنا أنهم ظلوا قرون لكانت الآية على النحو التالي  ولَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سَنَةٍ  بدون أن يضف وَازْدَادُوا تِسْعًا لأن" الواو" هنا هي واو الجماعة  فلو كان المقصود السنوات لقال تعالى وازدادت تسعة  . فالله بيّن لنا عدد الفتية وهم ثلاث مائة ثم ازدادوا تسعة إما بالإنجاب أو التحق بهم تسع أشخاص. فلفهم هذه الآية نقرأها بالشكل التالي " ولبث أهل الكهف الّذين يعدّون ثلاث مائة نفر في الكهف سنين ثم ازدادوا تسعا "فمصطلح ثلاث مائة تعود على أصحاب الكهف. كذلك سِنِينَ التنوين جاء لأن العدد مميز.
الصورة الذهنية التي رسمتها التفاسير قي ما يخص أصحاب الكهف هي كالتالي:
۞ وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِّنْهُ ۚ وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ ۚ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ ۚ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ ۖ. بمعنى أن هناك أناس بالكهف  الشمس تشرق وتغرب عليهم وهم في فجوة منه ومعهم كلب يتوسطهم ويحرسهم وحين رِؤيتك لهم سوف ينتابك خوف شديد من مظهرهم وتفكر بالهروب حيث أعينهم مفتوحة ولا تعلم هل هم نيام أم أيقاظ وكل مرة يتقلبون يمينا و شمالا . هذا الطرح للقصة ضد ما جاء في القرآن، فالقصد هو إذا ما مررت بهم والتقيت بهم ستشعر بأنهم طبيعيين ولكنهم في الحقيقة شبه غائبين عن الواقع ليس لديهم أدنى فكرة عن العالم الخارجي فهم فئة اعتزلت مجتمعهم وفروا منه أفكارهم متذبذبة ولديهم ريبة وشك حيث تنشط عندهم فكرة الريبة والقلق .   

Subscribe by Email

Follow Updates Articles from This Blog via Email

1 Comments

About