شبهات و بينات - عبدالباسط يحياوي

الأحد، 23 ديسمبر 2018

thumbnail

النبي موسى وبلاد الرافدين



النبي موسى عليه الصلاة والسلام أخذ حيزا كبيرا في القصص القرآني، ومسألة هبوطه إلى مصر وقصته مع فرعون وبأنه عاش في مصر ... والقصة معروفة كما يذكرها التراث، ولكن المشكلة تتمثل في أنها قصة منسوخة عن التوراة  والسؤال الذي يطرح نفسه ، هل فعلا مصر التي دارت فيها أحداث القصة هي جمهورية مصر العربية الآن؟ أظن لا وذلك للأسباب التالية:
v             في عهد النبي موسى لم تكن هناك بلاد اسمها مصر في تلك الفترة الزمنية.
v             لم يرد هذا الاسم في المخطوطات الأثرية القديمة من البرديات أو النقوش المعمارية التي تركها سكان حضارة أرض النيل، بل ورد أنه كان يُستخدم اسم كيميت أو مشتقات له ولم يكن اسم مصر هذا وارداً في هذه المنطقة على الإطلاق.
v             مصطلح فرعون، لم ترد في الوثائق أو المخطوطات القديمة لحضارة وادي النيل، بل تعاقب على حكم مصر القديمة أسر عديدة.
v             كما ورد أيضاً استخدام اسم القبط أو الجبت على أرض وادي النيل، كما ورد ذكره على الخرائط اليونانية والرومانية قبل الميلاد حيث كُتب جبتوس أو اجيبتوس بزيادة حرف السين كما في الأسماء اليونانية .
v                  كان يطلق على مصر أرض القبط ثم بدأ استخدام اسم مصر لاحقاً بعد دخول الإسلام إلى أرض النيل وكان يطلق على المنطقة التي صارت فيما بعد مدينة الفسطاط ثم القاهرة.
الدليل من الذكر الحكيم وهو إمامنا
يقول الله تعالى:﴿ وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ (51) ﴾سورة الزخرف. يبين النص أن فرعون كان حاكماً لمنطقة تسمى مصر، ونحن نعلم أن الحفريات و الوثائق التاريخية تثبت أن زمن حكم الملوك المصريين القدامى لا يطلقون على بلادهم مصر. يقول تعالى: ﴿ فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بَآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (136) وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ (137)﴾ سورة الأعراف .ويقول تعالى: ﴿ فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (53) إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ (54) وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ (55) وَإِنَّا لَجِمِيعٌ حَاذِرُونَ (56) فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (57) وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (58) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ (59)﴾ سورة الشعراء .
من الحقائق التي تبينها النصوص القرآنية أن قوم فرعون دُمِرُوا وأُهْلِكوا وأن بني إسرائيل قد ورثوا هذه الأرض وحكموها و الوثائق التاريخية تثبت عكس ذلك حيث استمر حكم ملوك مصر إلى غاية استلاء الفرس ثم اليونانيين و الرومان ولم يدون التاريخ أو توجد أية مخطوطات أو آثار تذكر أن بني إسرائيل قد ورثوا وحكموا أرض النيل التي كانت تعتبر من القوى العظمى في ذلك الوقت ، أو أنه يوجد أي أثر يدل على أن أحد ملوك هذه القوة العظمى قد غرق هو وجيشه وتم تدمير ما كان وقومه يصنعون، مع العلم أن حضارة أرض النيل كانت مدونة بجانب كبير على أوراق البردي وعلى الصخور.
مسألة أخرى كيف تسنى للفارين من مصر وعددهم بالآلاف وذلك - للوصول إلى خليج العقبة وكما تقول المرويات التراثية بأن انشقاق البحر حدث في هذه المنطقة - بأن يجتازوا جيش فرعون الذي يسيطر على طرق المواصلات مع بلاد الشام وكذلك تعتبر شبه جزيرة سيناء هي منطقة مناجم للمعادن خاصة النحاس والفيروز وهي تعج بجنود فرعون. مع العلم أن "الإسرائيليين "حين احتلالهم لشبه جزيرة سيناء فتشوا المنطقة بدقة ولم يجدوا أثرا ولا حجر أو وثيقة تدل على أن سيدنا موسى وقومه مروا من هنا.
 نستنتج من كل هذا أن مصر التي يتحدث عنها القرآن الكريم هي بالتأكيد مكان آخر غير مصر (أرض وادي النيل)، وأرى أنها بلاد الرافدين العراق حاليا ، وكما هو معلوم أن بلد السحر والشعوذة قديما هي بابل كما ورد في الذكر الحكيم﴿ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ﴾البقرة 102.
 طراز العمارة  فيها من بيوت و أبراج وزقورات ( عبارة عن معابد مدرجة على شكل أهرامات  وقد اشتهرت بها بلاد الرافدين ) يدخل الطين المشوي و المجفف تحت أشعة الشمس - المادة الأولية و الأساسية المتوفرة  في المنطقة - في تشييد هذه الأبنية بينما بمصر فإن المادة الأولية للبناء هي الحجارة يقول الله تعالى﴿ وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَٰهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَىٰ إِلَٰهِ مُوسَىٰ وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ﴾  القصص 38 ، وقول تعالى﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآَيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ (23) إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (24 ) ﴾ غافر وقوله تعالى﴿ وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (36) أَسْبَابَ السَّمَوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى﴾  غافر 36-37.
زاقورة ) الإهرامات الرافدية)

وكلمة فرعون تعني الطاغية وقد اشتهرت بابل عبر تاريخها بحكام وملوك طغاة كما أن شط العرب يشكل مجمعا البحرين.
لقد ذكر الله سبحانه وتعالى في الذكر الحكيم السامري﴿ قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ ﴾طه 85  من هو السامري الذي فتن قوم موسى عليه السلام وأضلهم وأرجعهم إلى عبادة الأوثان المتمثل في العجل؟ إذا قلنا أنه نسبة إلى مدينة السامرة فهذا ضرب من الخيال لأن مدينة السامرة وجدت بعد النبي موسى عليه السلام بعدة قرون وهي عاصمة مملكة إسرائيل الشمالية التي انفصلت عن مملكة إسرائيل ونتج عن ذلك وجود مملكتان إسرائيل الشمالية و عاصمتها السامرة وأخرى مملكة يهوذا. فالسامري نسبة إلى الحضارة السومرية بجنوب العراق وحضارة مصر القديمة لم تنشأ بعد وهذا يؤكد أن موسى عليه السلام وقصته لم تدر أحداثها في مصر كما أن الأبحاث والوثائق التي عثر عليها أثناء الحفريات دلت أن شاروكين الأكادي (سرجون الأول) مؤسس سلالة أكاد الذي وجد قبل حوالي 2450ق.م هو الغريق وسيرة حياته مقتبسة عن سيرة حياة النبي موسى عليه السلام خاصة ولادته.
والسؤال الذي يطرح نفسه، لماذا اختار السامري العجل ولم يختر أله آخر؟ والجواب أن العجل يعتبر رمز للسومريين وهو أله مقدس لديهم وعموما لدى بلاد الرافدين، فرغم تعاقب الحضارات التي شهدتها المنطقة ضل العجل وخاصة المجنح لديه مكانة مقدسة.
كذلك مسألة السحرة نجدها في القرآن هاروت وماروت في بابل، وفرعون هددهم بعد إيمانهم بالنبي موسى بأن يصلبهم في جذوع النخل وبلاد الرافدين بلاد النخيل.
م ص ر: مِصْرُ هي المدينة المعروفة تُذكر وتُؤنث والمصْرُ واحد الأمْصارِ والمِصْرانِ الكوفة والبصرة والمَصِيرُ بوزن البَصِير المِعى وجمعه مُصْرانٌ كرغيف ورُغفان ثم المَصارِينُ جمع الجمع وفلان مَصَّر الأمصار تَمْصِيراً كما يُقال مدَّن المُدُن.
الحقيقة أن هناك محاولات لطمس الحقيقة في القرآن وذلك بإدخال الإسرائيليات وتغليفه بها وهذا هو الخطر فكفي من الإسرائيليات ولنفهم القرآن فهما علميا، فالعلم لا يتنافى مع ديننا بل بالعكس يحرضنا ويحثنا على ذلك ولنوظف نتائج البحث العلمي في فهم القرآن والأحداث لفهم التاريخ فَهْمَا بعيدا عن الخرافات والتزوير. 

Subscribe by Email

Follow Updates Articles from This Blog via Email

2 Comments

avatar

تشير الدلائل التاريخية وجغرافية المكان اكثر مكان فيه اثارالنبي موسى وهارون ع في محافظة ميسان ناحية السلام ..سابقا الطويل..كان اسمها السومري القديم طوى ايل يعني الوادي المقدس حسب ما أشار البرفيسور طه باقر سنة 1961للزعيم عبدالكريم قاسم رحمهم الله ورقيت بحيث تم بناء مرافق إدارية وخدمات لها ومدارس وهناك تشتهر هذه المنطقة بطيور كثيرة وانتشار في هذه الأرض نباتات العليق

Reply Delete

About