النبي موسى هو مصدر يضم عناصر لجميع الخصائص ووضعها في موضعها و التي تمكنه
من الإسراء والسير وفق مسار مهيمن عليه و بقوة نحو تحقيق الحق الذي يطلبه و في
أجله المقدر. فموسى مرّ بمراحل عدّة وبتجارب حتى امتلك تلك العصا ، وهي بالأساس التفكيك والتحليل والربط
للمعلومة الصحيحة (معاينة) ومن ثم تفعيلها وذلك للتمكين فمجرد ما ضرب بها موسى ما
تحجر من معلومات كانت حبيسة ومبهمة ،انفجرت عيون المعرفة .
والملاحظ لأجزاء السور والتي وردت
فيها بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ مرتبطة بــــَنَزَعَ بينما بَيْضَاءَ
مرتبطة بـــ اضْمُم / أَدْخِلْ / اسْلُكْ والتي تعطينا فكرة عن مراحل تخضع لمعايير ومنهج
وخصائص مميّزة عن طريقها تصل إلى الإنشاء و الإبداع.
- وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَىٰ جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَىٰ ﴿22
طه﴾
- وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ ﴿12
النمل﴾
- اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ ﴿32
القصص﴾
- وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ ﴿108
الأعراف﴾
- وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ ﴿33
الشعراء﴾
فالنبي
موسى أحاط بالعمل واحتواه من كل جوانبه ثم تمّ توجيهه من أجل نسج عمل جديد بعد
حركة إسراء مسيطر عليها أوصلته إلى مرحلة الفرز
والتفكيك من أجل التمييز و التوضيح
قال تعالى : وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَىٰ ﴿17﴾ قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ
عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَىٰ غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَىٰ ﴿18﴾ طه . أي ما هو
الشيء الذي أنت متمكن منه وموقن بقوته لديك ؟
واليد ،كما هو معلوم هي وسيلة / أداة لتنفيذ الإرادة، بما فيها اليد
المتعارف عليها وفي هذه الأجزاء من السور ما هي إلا آلية سيّر بها موسى بعض الأعمال وكانت النتيجة َيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ بمعنى أمر واقع فعليا موجه
لغاية / هدف محدد فيه إنشاء وإبداع تمّ ضبطه والنتيجة رأي محكم .
فالنبي
موسى و بعد التجارب وتراكمها خلال مراحل حياته اكتسب
فيها العديد من الخبرات المركّزة في ذاكرته / عقله / ربّه فقد عرف النور ( المعرفة) فانفتح له الأفق( أَفَاقَ
) بهذا العقل و بقوة تفعيله ( الصعق ) نسف
تلك الجبال تلك المعتقدات الفاسدة
وتراكماتها ، موسى يمثل أعلى
درجات المعرفة و العلم وكنفس تمّ إخضاعها لعقله / ربّه وصحح المسار وصنع
التغيير للأفضل وهذه رسالة لنا جميعا فبعلمك ومعرفتك تقضي على الجهل والتخلف
والظلم ويصلح حال المجتمع وتصنع التغيير.
فرعون كان
يقتل كل فكر حديث فيه بناء وتطور( يقتل أبنائكم )
والمتمثل في استغلاله لمصلحته والسيطرة عليه من أجل تقوية حكمه من أجل الهيمنة
على الناس ، على رعيته هذا من جهة ومن جهة أخرى يحي كل شيء متأخر( يستحي نسائكم ) لا نفع
منه ويبقيه مفعّلا ولا يطوّره.
Subscribe by Email
Follow Updates Articles from This Blog via Email

No Comments