شبهات و بينات - عبدالباسط يحياوي

الأحد، 4 مايو 2025

thumbnail




حالة الجمود والركون والتشبث بأفكار قديمة / إيديولوجيا، اقتصادية كانت أم دينية، سياسية، اجتماعية، ثقافية ...الخ لا يمكن التخلص منها إلا (مَـــرَّ ) بالرؤية الذهنية بعد تكرار وإّحكام الرؤية لشيء مميّز بخواص معيارية، فالباحث عن شيء ، ما عليه إلا تحديد ماهيته عن طريق دراسة كل جوانبه و بتكرار محكم فيصبح ذلك الشيء معروف غير مجهول وهذا لا يتم إلا عن طريق (قَرْيَةٍ ) القراءة ، كل شيء له علاقة بالقراءة / إقرأ ، فــ قَرْيَةٍ هي قوّة فصل لبيان وتقفّي أثر الحركة بشكل منظّم لإحكام الرؤية وهذا هو دور القراءة والتي عن طريقها نرقى ونهجر الجهل نحو العلم ، فالقرية و المدينة عموما كلّها لها علاقة بالثقافة والمعرفة وبها تتميّز الشعوب و الأمم ، فهلاك القرى ليس كما هو في كتب اللغو ، بل هو باختصار زوال أفكار و إيديولوجيات لأنها ليست ملائمة للعصر وقد عاصرنا زوال بعض القرى وهناك قرى في طريقها إلى الزوال .
وكما هو معلوم أي قراءة / فكر (خَاوِيَةٌ ) خامد موثق بشكل نهائي يعتريه الجمود ، لا يمكن له أن يقدّم شيئا ، لا يمكن له مدّنا وإعطاءنا (عُرُوشِهَا ) أساليب المعاينة من أجل اتضاح الرؤية الشاملة للعمل ، فهذه القراءة / الايدولوجيا تسبب الموت فيتحول الشخص إلى قبر متحرك بعيدا عن الإدراك و المعرفة، فتصبح نفسه مظلمة لا حياة فيها وغير واضحة على وجه الدقة ، وفرة من العمى الذي عمّ عليه (مِائَةَ عَامٍ ) وينخرط مع عامة الناس والتي عميت أبصارهم ، وللخروج من هذا الوضع وهذه الحالة ، حالة انقطاع المعرفة والمعلومة والتي تؤدي إلى غياب تام عن الواقع ، لا بد من طريقة وهي (البعث) فعن طريقه نعلم بالحدث أو التغيير الكمّي بثبات وتريث متابع ، وهذه العملية ، عملية الوعي تأخذ وقتا لإتمام العمل( يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ) والتي تتم عن طريق ( لَبِثْتَ ) وسيلة لمّ ووصل من أجل نسج وبناء عمل جديد الغاية منه الثبات . فكم شخص جهل وعميت بصيرته وانخرط مع عامة الناس، وبعد فترة رأى الحقيقة عن طريق ( وَانْظُرْ ) التأمل والذي يقع داخليا بين الشخص و نفسه من أجل اليقظة الذهنية، من أجل المراجعة والمحاسبة ، فالطعام و الشراب للعقول و ليس للبطون ، فالعلوم والمعارف التي تربينا وبها نسمو تخرجنا من ظلمات الجهل إلى نور المعرفة ، فبالطعام و الذي يعطينا طاقة تجعلنا قادرين على توقيع الفعل وعلى المعاينة و الوضوح من أجل إتمام العمل و بالشراب تصبح لدينا رؤية شاملة تؤدي بنا إلى البيان وهذا لا يحصل إلا ضمن (يَتَسَنَّهْ) حركة مستمرة بنسبة مقدّرة ضمن مسار ثابت من أجل الإنشاء والكشف عن غيب فمعارف الإنسان وخبراته لا تبقى على حالها ، فبالتأمل والمراجعة يتّم القضاء على (حِمَارِكَ ) الضلال والذي تحمله هذه الايديولوجيات المختلفة ،هذه الصفات السيئة والحمار عموما لسانيا هو مفهوم سيء بسبب الألف المانعة بين الميم و الراء ، فقد أعاقت ومنعت صاحبها من الرؤية ونضج بيانه عكس الحمير والذي يعتبر حركة مميزة بخواص معيارية ومتكررة بشكل منظم تحمل رؤية محكمة تستبطن المحاذير، فالحمير حقائق غيّرت المحتوى نتيجة رؤية ثاقبة من أجل ذلك ، الحمير أصواتهم منكرة ، فأفكارهم إما أن تحارب أو لا يتم استيعابها إلا بصعوبة ليس نتيجة الغموض بل بالعكس هي أفكار ناضجة وواعية و إنما نتيجة هيمنة الموروث على عقول بعض الناس إن لم أقل أغلبيتهم ، فالشخص الذي رمى وراء ظهره كل المعتقدات الفاسدة نتيجة اعتماده القراءة سيكون آية ، دليل وبرهان لغيره ، وما تطور شعوب بأكملها كانت بالأمس القريب تهيمن عليها الخرافة ، أصبحت تصدر الحضارة لأمم من بينها أمة تدّعي أنها خير أمة أخرجت ، وهي في الحقيقة مازالت تعيش مرحلة الحمار، لا يوجد عندها ( الْعِظَامِ ) ركيزة أو قاعدة أساسية للبناء والتي بها تسمو الأنفس فتمر بحالة ( نُنْشِزُهَا ) إنشاء و تطور (ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا) نتيجة عملية اللمّ واللّحم لإتمام العمل به نعلو و نتعاظم لتحقيق أمر ما مقصور على أجل محدد .
النتيجة أو المحصّلة النهائية ، بعد المراجعة الذاتية والمحاسبة ، الخروج من حالة الجمود والركون والتشبث بتلك الأفكار القديمة ، فمرحلة البناء الحضاري نتيجة المنهج الإبراهيمي المبني على الدليل والبرهان هو الكفيل والضامن لإخراج الناس من الجهل إلى المعرفة وأن كل شيء ممكن تحقيقه إذا اعتمدنا على الله. 

Subscribe by Email

Follow Updates Articles from This Blog via Email

No Comments

About