شبهات و بينات - عبدالباسط يحياوي

السبت، 11 مايو 2024

thumbnail

الـزِّينَـــةُ

 


آلية فرز متكرر من أجل إنشاء شيء و إخراجه لإعطائه امتداد زماني وربطه بشكل نهائي.فالزينة ومشتقاتها كـــــ : لأزيّننّ ، زينتكم ، زينة ،زيّن...كلّها لها علاقة باختيار أفضل الطرق التي بها ننشئ أشياء لها تأثير في الناس سواء بالسلب أو الإيجاب .
قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ۚ 32 الأعراف
فكم من فكرة أدت إلى عمل فيه نتيجة نفعية وخير للناس ، جوبهت بالرفض / تحريمها واتهم أصحاب المعرفة / الأعراف بالزندقة والكفر والتآمر على الدين ، فالذي يحرّم عليك زينة الله ، هو إنسان يعاني من أزمات نفسية غالبيتهم دمى بيد حكّام طغاة ، فاعلم أنّ الذين يحرّمون استعمال أشياء فيها منفعة عامة ، هم بالأساس لا يريدون الخير للناس .
وَقَالَ مُوسَىٰ رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَن سَبِيلِكَ ۖ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَىٰ أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّىٰ يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ ﴿88 يونس﴾
يقول أصحاب الكهنوت أن النبي موسى دعا الله على فرعون وملئه ، أشراف قومه أن يغير أموالهم عن هيئتها، ويبدلها إلى غير الحال التي هي بها، لأنهم لم يشكروا لك، وإنما استعانوا بها على الإضلال عن سبيلك، ربنا اطمس على أموالهم، فلا ينتفعوا بها، واختم على قلوبهم حتى لا تنشرح للإيمان، فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الشديد الموجع. فالزينة عندهم متاع الدنيا والمتمثلة في النساء والمال والبنين والخيل والإبل والأكل و اللباس ... أي كل شيئ زائل لا يدوم ، هو ما يتمتع به مؤقتًا.
فموسى صاحب معرفة و علم و صاحب مشروع فيه خير للناس جميعا عكس فرعون ومن يعاضده في التحكم والسيطرة والذين يتّبعون طرق فيها تفرقة ومحاباة ويتّبعون سياسة فرق تسد ، موسى صاحب الحجج و البراهين العقلانية والتي لها( اطْمِسْ ) طاقة والقدرة على إتمام وتحقيق أمر ما في المستقبل يعتمد على (وَاشْدُدْ ) عمل شمولي وفق دليل و خطة معلومة (حَتَّىٰ يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ ) طبعا أصحاب الكهنوت فهموا ذلك انطلاقا من نفسيتهم السّادية الإجرامية حيث أن العذاب لديهم هو الحرق والكي والجلد والضرب المبّرح والسحب من الأرجل والصلب وتعليق الناس من أرجلهم وقطع ألسنتهم ...إلخ وهو انتقام الله من الكافرين تماما كما يفعل الحكام الطغاة والمتحالفين معهم ضد كل من يختلف معهم ، ضد كل من يقول كلمة حق أما الأليم هو الوجع الرهيب ، هكذا فهموا وأفهموا الناس.
فموسى وما توصل له من قول / الفكرة بينه وبين نفسه / ربّه وما يمتلكه من حجج وبراهين والتي ستكون الدافع أو السبب في تصفية وتنقية ما يجول في فكر ملأ فرعون فيصبحوا متيقنين بعد الإلمام بالشيء وبالتالي معرفته وهذا لن يتم إلا يوم الزينة ويوم الزينة باختصار هو لقاء بين مفكر و مفكّرين ، بين أسحار ، بين صاحب الحساب الصحيح والرؤية الثاقبة و سحرة فرعون منهجهم الخداع لتضليل الناس عن الحق ، فالذي يخدعك هو شخص يتّبع طريقة إخماد الشيء بعد معاينته بوضوح ودفعه باتجاه هدف معيّن ، طبعا سحرة فرعون رؤوا البراهين وهم بالأساس يستخدمون عقولهم ويتّبعون الحجج فآمنوا بربّ موسى ، إذا يوم الزينة هو يوم قد يطول أو يقصر ، يوم يختار فيه أفضل الطرق والحجج المقنعة وكانت عصى موسى التي يتكأ عليها أي ذلك الوعي ، الحجج و البراهين التي يعتمد عليها فهي منبع المعرفة بعد رحلة من البحث والشك الممنهج ، موسى يمثل أعلى درجات العلم و المعرفة.
يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31) الأعراف
المسجد هو كل مصدر للمعارف والعلوم والتي فيها شفاء / منفعة للناس، فهو مكان أصحابه يتّبعون مسار مهيمن عليه في سبيل تحقيق مطلوب ما و دفعٌه إلى وِجهة معلومة بعد جمع ودمج وكلّه باسم الله. إذا الخطاب موجه لفئة معيّنة، فئة من كلا الجنسين غايتها البناء تمتاز بالذكاء واختيارها أفضل الطرق التي توصلهم للمعلومة الصحيحة وإيصالها للناس لكي ينتفعوا بها ، فهذه الفئة هي فئة مصلحة يسعون إلى أعمار الأرض وليس إلى إفسادها وإلا تحول هذا المسجد إلى مسجد ضرار.
فالزينة ليس عطر ولباس نظيف ، بمعنى آخر عٍــدَةُ /أدوات طقوس تقام في أماكن أطلقوا عليها مساجد.

Subscribe by Email

Follow Updates Articles from This Blog via Email

No Comments

About