شبهات و بينات - عبدالباسط يحياوي

الثلاثاء، 26 مارس 2024

thumbnail

"وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا 30 الفرقان

 





من هو الرسول ؟  يقولون أنه النبي محمد  والذي تضرّع واشتكى إلى ربّه لأن الذين بعث إليهم ليدعوهم إلى توحيد الله اتخذوا هذا القرآن مهجورا ، علما أنّه لا توجد ولا قرينة تفيد ذلك ، مجرد تخمين أو لنقل تعصّب لرسول معيّن ، ولنفترض المقصود بالرسول هو محمد ، فما علاقتي أنا بهذا الموضوع أو غيري  ، علما أن الحدث أو هذه الشكوى انتهت منذ قرون كذلك قومه . وقد شاع  أن هجر القرءان هو عدم قراءته أو ختمه والحقيقة هذا يدّل عن ضحالة التفكير مما أنتج فكر تافه مثل أصحابه والسبب هو اللّغو ،وهو تغييب الحقيقة  والمعارف ومن اللّغو أفهموا الناس أن القرءان هو مجموعة من السّور.

الرَّسُولُ  هو كل شخص يتمتع برؤية محكمة ويسير وفق مسار مهيمن عليه في سبيل تحقيق مطلوب ما ونسج عمل جديد فكل شخص له إنتاج ذهني فيه مصلحة للجميع، هو رَسُولِ.إذا الموضوع له علاقة بالحاضر كما كان له علاقة بالماضي وكذلك سيكون له علاقة بالمستقبل، فالرسول في جميع الأزمنة والأمكنة  ﴿وما أرْسَلْنا مِن رَسُولٍ إلّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ﴾ 4 إبراهيم.  فكل رسول يرسل بلسان قومه وذلك بما يمتلكون من معارف توصلهم إلى المعلومة الصحيحة فمثلا رسول البيئة يرسل إلى أصحاب الاختصاص والمهتمين بهذا الشأن ، الذكاء الاصطناعي ، الكيمياء ...إلخ ، واللسان ليس بذلك العضو في فمنا، اللّسان هي المعارف والتي تشمل جميع الاختصاصات و المجالات ، فاللّسان هو العمل سواء كان صالحا أو غير صالح .

نعود إلى وَقَال ففي أجزاء سور المصحف، عموما تفيد بأن الفكرة قد وصلت أو اتضحت أو حوار الشخص بينه و بين ذاته من أجل الوصول إلى نتيجة مرضية.

 يَا رَبِّ، الربّ عبارة عن تلك الرؤية المتكررة و المدروسة بإحكام و التي ربت في الوعي وتحولت ‘إلى   معلومات و قناعات على أساسها تبني قراراتك ، فنحن أمام رسول /شخص يتمتّع بفكر وبرؤية ثاقبة وهذه الرؤية لم تأت هكذا ، رؤية اعتباطية بل نتيجة علوم أو أفكار تمّ تطورها و تشذيبها / ربت في الوعي والقوم هم فئة من الناس يقومون بنفس نوعية العمل آو الفعل أو السلوك لا تربطهم أية صلة في ما بينهم

القرءان : قراءة متعددة وكثيرة ( ان) و لفظ القرءان له العديد من المشتقات كإقرأ ، قروء ، قرئ ... وكلّها تفيد حركة /عمل / أمر يحمل رؤية محكمة قد وقع فعليا يمتاز بقوة فصل البيان وتقفي أثر العمل ووضعه في إطار واضح المعالم ، فالقرءان ليس كما يقولون ما بين الدفتين والذي يجمع  الآيات والسور ويضم بعضها إلى بعض ، القرءان هو قراءة تساعدنا على الارتقاء من أرضية الجهل التي ارتضوه لنا إلى نور المعرفة لتعدو عالما .

غير أن الفئة والتي أرسل إليها هذا الرسول ليعلّمهم اتَّخَذُوا ، بذلوا جهدا في القراءة والدراسة فعرفوا الحقيقة بعد معاينة علمية ،  فجعلوا القرءان مَهْجُورًا ،غيّبوا الحقيقة  عن النّاس ، حرّفوا وكذبوا عليهم لحماية مصالح غيرهم –طبعا بمقابل مادي-  فـــ مَهْجُورًا  لا يعني هجر من مكان إلى مكان ، أو تركوا القرءان وأعرضوا عن سماعه حينما تتلى آياته ،بل اللعب بالوعي و الذي أقنعوا به الناس وتشبثت به فأصبح  معتقد.

ماذا يعني ذلك؟ سأضرب مثال في ما يخص البيئة والسلسلة الغذائية فقد حدث ذلك ، أحد الباحثين وهو عالم في مجال البيئة ( رسول ) أنذر ودق ناقوس الخطر ونبّه بعض من يدّعون العلم و المعرفة(قومه) بأن الممارسات والتي أنتم تشجعون أصحابها على فعلها هي ضارة ولها خطورة في المستقبل ، وهذه الممارسات هي قتل الذئاب بتعلة أنّها بدأت تقضي على قطعان الماشية في المنطقة وتشكل خطر على سلامة و حياة السكان فبدأ السكان  يشتكون إلى السلطات وبدؤوا يضايقونها ، فاستشاروا من يدعون المعرفة وأخذوا برأيهم ( والحساب تحت الطاولة ) وتركوا من حذرهم من هذه الفعلة فقد حذّرهم بأن الغطاء النباتي كآخر حلقة من هذه السلسلة الغذائية سيقضى عليه وستنتهي الحياة البرية في هذه المنطقة ، وشرح لهم بأن القضاء على الذئاب سيؤدي الى تكاثر الأيائل و الغزلان والأرانب و تراجع الطيور الكاسرة  و هؤلاء سيقضون على الغطاء النباتي  فتتراجع المراعي وهذا بدوره سيقضي على نمو الأشجار وبالتالي سيتقهقر الغطاء النباتي والنتيجة القضاء على الحياة البرية  ، طبعا هذا العالم توصل إلى هذه النتيجة الحتمية نتيجة معارفه المبنية على رؤى ومعلومات ربت /تطورت في وعيه وبالمقابل سيطر على أغلبية السكان فكرة قتل الذئاب فتحولت الى معتقد  نتيجة تغييب الحقيقة عنهم .

النتيجة كانت كارثية بعد عدة سنوات دمار بعد أن تم تصفية أغلب الذئاب به من قبل السكان والصيادين، وموت هذا الحيوان ترك الفرصة إلى الأيائل الانتشار بكثرة الأمر الذي ترتب عليه اختفاء الحياة البرية ، ما الحل ؟ هو عودة الذئاب وكان الأمر كذلك فبدأت تصطاد الغزلان و الأيائل وهذا ما جعل هناك توزان بالحياة البرية مما ترك مساحة لنمو الأشجار مجددًا وبدوره وجود الذئاب ساعد على جذب الطيور لأن الذئاب حينما تقتل الأيائل تأتي أنواع من الطيور اللاحمة وتتغذى على جثثها وهو نوع من أنواع الغذاء الجاهز.. وانضمت حيوانات أكثر ولم تعد الذئاب تركز على الأيائل لأن الغابة أصبحت جاذبة لأنواع أخرى من الفرائس.

الأمثلة كثير ومتعددة و في جميع الميادين.

Subscribe by Email

Follow Updates Articles from This Blog via Email

No Comments

About