الذهب و الفضة لسانيا لا علاقة لهما بالمعادن، غير أن المدلّسين اتّبعوا
هواهم ليضللوا الناس، فذهب تارة عندهم الحلي وتارة عندهم مشى ومبررهم هو حسب سياق
الآية !!! إلى جانب ذلك
عندهم إسورة من ذهب و أساور من ذهب هي تلك الحلي التي توضع في المعصم وقد نسي
هؤلاء الإعراب أن سورة و سور لها علاقة بالأساور أو الإسورة كذلك الصحاف من ذهب
عندهم أطباق .
فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَٰهِيمَ ٱلرَّوْعُ وَجَآءَتْهُ ٱلْبُشْرَىٰ يُجَٰدِلُنَا
فِى قَوْمِ لُوطٍ ( 74 هود ) قال الإعراب،
ذهب : حركة مقيّدة وموجهة لهدف معيّن من أجل التنبيه والبيان
الرّوع : عمل منظّم فيه رؤية محكمة وقوة ضم للمعاينة و العلم
قال قوم تبّع فلما ذهب عن إبراهيم الخوف الذي انتابه لعدم أكل الضيوف
الطعام ( الملائكة ) ، معظم الأحداث التي صارت مع إبراهيم هي جدال بينه
وبين نفسه فيها أسئلة وحوار وطرح بعض القضايا ذهنيا نتيجة معطيات واقعية وبعد
البحث الذهني والتجربة يعطي براهينه وحججه الدامغة فالمنهج الإبراهيمي هو منهج
عقلاني فإبراهيم هو أبو البرهان فهو باحث عن الحق ،فمقام إبراهيم هو مقام علمي
أساسه البرهنة التجريبية الواقعية التي تؤدي الى إقامة "الحجة"
فهو صريح وواضح ولا يعرف الهروب و المراوغة.
وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ
عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ...(87 الأنبياء)
مغاضبا عمل مكتمل تمّ تغييبه وإخفاء معالمه لمختلف الغايات تمّ توجيهه تحت
ضغط عالي وضروري بقوة بعيدا عن المركز
ذَّهَبَ مُغَاضِبًا هو تفاعل منغلق مقيّد وموجه لهدف معيّن من أجل التنبيه
والبيان وليس حالة انفعالية كما فهمها أصحاب اللغو ، فـــذا النون حصر عمله وقيّده
ووجهه من أجل غاية .
مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا
حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَّا يُبْصِرُونَ
(17) البقرة
استوقد غير أوقد ، فأستوقد هو كل عمل تمّ وفق خطة معلومة للتمكين والضم
لاتخاذ قرار قوي وفاصل من أجل الأمر والطلب ، فمن يستوقد النار سواء فرد أو مجموعة
، لديها القيادة في إدارة شؤون أي مرفق سواء اجتماعي ، سياسي، ثقافي ،
اقتصادي...إلخ كذلك على مستوى الفرد لقيادة أموره غير أنّ هناك فئة من الناس وهم
السفهاء استوقد نار ، فعرفوا كيف يتصرفون في بعض المستجدات فوجّهوا أعمالهم
وقيدوها من أجل البلوغ إلى مبتغاهم ، كالتضليل لتوجيه فئات كثيرة من المجتمع
والتحكم فيهم ، ونجد هذه النوعية من الناس خاصة رجال الدين والسّاسة ورجال الإعلام
المضللين وغيرهم في بعض القطاعات ، هؤلاء فبالرغم من استو قادهم لأفكار وبها
تحولوا إلى قادة / رموز، غير أن
غرورهم ذهب بنورهم وأعمى بصيرتهم لذا فإنهم سيبقون في النار لا يموتون فيها و لا
يحيون .
بل ذهب المدلسون والذين يدّعون أنهم من متدبري القرءان إلى أبعد من ذلك ،
فقالوا أن أصحاب الجنّة "المتخيّلة " سيلبسون فيها أساور من ذهب إلى
جانب أشياء أخرى ( الأكل و الجنس ) وكأن الجنة فندق يقدم فيه لنزلائه الخمر و
النساء والغلمان إلى جانب الطعام . فالأساور من ذهب هي آلية / رؤية تسري في كل من
سعى لهدف معيّن من أجل التنبيه والبيان والمنفتح على كل الاحتمالات الواقعية.
يُطَافُ عَلَيْهِم بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ ۖ (71 الزخرف) طبعا
قالوا أن الصحاف هي أطباق للأكل ولا أعلم هل صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ ﴿19
الأعلى﴾ هل هي أطباق للأكل ؟ أو فِي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ ﴿13 عبس﴾ ، هنا قال أصحاب
اللغو والأشد كفرا أنها كتب سماوية و صُحُفًا مُّطَهَّرَةً فِيهَا كُتُبٌ
قَيِّمَةٌ (2 البيّنة ) "هي صحف القرآن المطهرة من الخلط وحشو المدلسين،
فلهذا تنبعث منها أشعة الحق حتى يعرفه طالبوه ومنكروه ... " فالصحف عندهم كتب
وفي الجزء 2 من سورة البيّنة ذكرت الصحف و الكتب، شيء محيّر ويدعو إلى الاستغراب
.
بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ هي صيرورة لها فعّالية ممتدة فيها حقائق للتفريق و
التمييز موجهة لهدف معيّن من أجل التنبيه والبيان أي أن الصحاف هي علوم وبحوث لمن
سبقونا ورثناها وتمّ تطويرها وفي المستقبل سيرثها جيل آخر و يطورها بمعنى تصير لها
عملية طواف من أجل كما قلت للتنبيه والبيان /المعرفة .
الفضة فصل وتفريق للعمل و الإحاطة به وتوجيهه لوجهة محددة وتوثيقه بشكل
نهائي ، فالفضة قرءانيا هي تلك الأفكار وتلك الأعمال المتبادلة من أجل المعرفة ،
تصير لها إفضاء بحيث نفضي إلى بعضنا والآخر يفضي مجموعة أخرى وهكذا وهذه هي
الإفاضة من عرفات ، إفاضة العارفين .
Subscribe by Email
Follow Updates Articles from This Blog via Email
No Comments