شبهات و بينات - عبدالباسط يحياوي

الخميس، 9 يونيو 2022

thumbnail

الشاهد والشهيد ( 2 )

 


 

شهد : عمل شمولي من أجل كشف ما غاب عنا لاستعماله كدليل . وقد ورد لفظ شهد ومشتقاته في العديد من أجزاء سور القران وكلّها تحمل في معانيها دليل لكشف غيب ، ففي سورة البقرة 282 وردت ألفاظ شَهِيدَيْنِ/ الشُّهَدَاءِ/ شَهِيدٌ/ وَأَشْهِدُوا

شَهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْ  هل يعني ذلك عدد 02 من الذكور فيزيولوجيا ؟. قلت في العديد من المرات أن لفظ الرجل في سور المصحف لا يقصد به التكوين الفيزيولوجي بل مرتبة أعلى في المعرفة ، الإدارة وكذلك المال وهذه الصفات يتمتع بها الذكر و الأنثى فيزيولوجيا " ٱلرِّجَالُ قَوَّٰمُونَ عَلَى ٱلنِّسَآءِ بِمَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍۢ وَبِمَآ أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَٰلِهِمْ ۚ ... " النساء 34 إذا رجالكم ليست مختصرة بــــ 02 من الذكور  بل يمكن أن تتجاوز ذلك العدد 3/4/5 ... أو 1 فقط ، يقول قائل كيف ذلك ؟؟؟ شَهِيدَيْنِ يعني اثنان أقول شَهِيدَيْنِ تفيد دليل لكشف غيب له نسبة مقدرة وذلك للوقاية ولا علاقة لها بعدد معيّن فإن لا توجد هذه الصفات  فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ فــــأنثى أو ذكــــر فيزيولوجيا وَامْرَأَتَانِ امرأت + ان وامرأت هي كل نفس تؤلف وتربط الرأي ويمكن لهذا الرأي أن ينفّذ أو لا مفتوح على احتمالين ( التاء المفتوحة)  ممن نرضى و الرضا لا علاقة له بالهوى بل برؤية معرفية من أجل الحكم بعد الإحاطة بها لكي لا تنحرف عن وجهتها .

مِنَ الشُّهَدَاءِ  : بما أن الشهيد  يعتبر مصدر ما غاب عنّا فهو لا يغفل عن شيء في أي زمان ومكان لأن الأمر قد وقع فعلا فالشهداء لا علاقة له بعدد معيّن وهو 02 بل يتجاوز ذلك فلفظ إِحْدَاهُمَا لا تفيد الرقم 02

أو واحدة منهن ولو كان كذلك لكانت الصيغة بالشكل التالي... أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُن... هذا لو فرضنا أن المقصود وَامْرَأَتَانِ إناث فيزيولوجيا .فــــــ إِحْدَاهُمَا المقصود واحد من المجموعة وهذا اللفظ ذكر في سورة القصص وسور أخرى  فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا ۚ فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ ۖ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴿25 قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ ۖ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ ﴿26 قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَىٰ أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ ۖ والمقصود بذلك وباختصار له علاقة بالعلم و المعرفة والأفكار  المرفق بالأدلّة الواضحة ( الحجج) و إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ أفكار / مسائل عالقة  وكيفية حلّها ، وليس " زواج" .  إذن لا بد للشهيد/ الشهداء أن يتمتّع بوعي حضوري وعدم غياب هذا الوعي عما يحدث ليكون أهلا للشهادة .

الذي رأى انهيار عمارة وأدى هذا الى كارثة ثم أدلى بشهادته بما رأى فهو شهيد. أما الذي عاين الركام ثم قام بفحصه وحلّله... ثم أدلى بشهادته بناء على تقرير فنّي، فيه أسباب انهيار العمارة ...  بالرغم أنه لم يكن حاضرا وقت الحادث فهو شاهد وليس بشهيد. 

وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ (3) قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ (4) النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ (5) إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ (6) وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (7 البروج

في كل زمان وفي كل مكان هناك شهداء ، هؤلاء هم الحجة الدامغة على الناس بما أنعم الله عليهم من نعمة العلم والذين قاموا بتبليغهم إياها . فأصحاب الأخدود تحصنوا بالمعرفة وحمو أنفسهم بها ونبذوا الشرك واتبعوا سبيل الحق رغم محاولة الذين كفروا صدّهم عن ذلك.

﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ ۚ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ 18 آل عمران . المتدبر في الخلق ورؤيتنا لآيات الله تفرض علينا بأن نشهد " لا إله إلا الله" فأصحاب العلم و الدارسون عرفوا أن الخالق واحد وعلى أساسه يعمرون الأرض، هؤلاء هم "آل عمران " فشهادة لا اله الله مسؤولية ورسالة يجب على الأنبياء و الرسل ، في كل زمان ومكان تبليغها.  

﴿وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (69) ﴾ الزمر. هذه الآية تعتبر حجة قوية لدى الفقهاء ورجال البلاط والسياسيين ،بأن الذين ماتوا في الحرب وهم مؤمنون هم شهداء يبعثون يوم القيامة مع الأنبياء أي لديهم نفس المرتبة ، وهذا غير صحيح فالشهداء المقصود بهم في هذه الآية هم ذوي الخبرة والمعرفة و الاختصاص . فالموت المربوط بالشهادة ما هي إلا سياسة الغاية منها  تثبيت  حكّام فاسدين متحالفين مع رجال دين أكثر فسادا ، حيث استعانوا بأساليب فاسدة من بينها الكذب على الله وعلى رسوله باختلاق الروايات والحديث.

Subscribe by Email

Follow Updates Articles from This Blog via Email

No Comments

About