شبهات و بينات - عبدالباسط يحياوي

الخميس، 12 مايو 2022

thumbnail

سورة النجم

 


سورة النجم قيل عنها الكثير ، وألفت كتب عنها وألقيت " خطب" ومحاضرات تجعلك تعيش في عالم من الخرافة ، أشياء لا يقبلها العقل ومتناقضة مع ما جاء في هذا الكتاب /المصحف وذهبوا في تعريفهم للنجم بأنّه ذلك الجسم / الأجسام الذي يتلألأ ليلا وتارة النجم عندهم ذالك العشب الأخضر الذي ينبت تحت الأشجار ( النباتات النجمية) وتارة النجوم عندهم الفاصل /النقطة بين الآيات وهي مفاتيح تأويل الآيات وهذا دليل على أن القرآن نزل منجّما أي مقطّعا وأن الله أقسم بالنجوم ومواقعها (حديثهم وقديمهم) .

هذه السورة تخاطبني و تخاطبك وتخاطب كل إنسان باختلاف مسؤولياتهم ومهنهم، كل نبي ، كل شخص يفكر في سنن الله / قوانينه والتي أصبحت في المتناول وبعدها أنت و ضميرك تستغلها في الخير أو الشر في العلم أو الجهل.

ما معنى نجم ؟ هو عمل فيه إنشاء / إبداع لحركة مستمرة ،متولدة من حركة سابقة ، وجمع و دمج ما تناثر وتفاقم ّ لاكتمال الحركة. (ميم في آخر الكلمة يعني تمام الخواص) فالنجم كل ما تمّ توليد وإنشاء  ما نجم من أفكار بعد تنظيم وجمع، هوت إليك واستقرت بعقلك وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) والنجوم عموما دائما لها علاقة بالهداية وَهُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلنُّجُومَ لِتَهۡتَدُواْ بِهَا فِي ظُلُمَٰتِ ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِۗ قَدۡ فَصَّلۡنَا ٱلۡأٓيَٰتِ لِقَوۡمٖ يَعۡلَمُونَ (97) الأنعام. وهذه نعمة من نعم الله وأسم السورة يدل على ذلك.

سورة النجم تؤكد أن كل شخص بعد معرفته لسنن الله لن يفقد القدرة للوصول إلى الحق ولن يحيد عنه مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) والصاحب ليس ذلك الشخص الذي تتشابه / تحمل معه نفس الفكرة أو العقيدة بل الصاحب له علاقة بالمكان و الزمان ، وقد تم ذكر لفظ الصاحب في بعض أجزاء من سور المصحف تفيد ذلك قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا( الكهف 37 ) هنا اختلاف في الفكر والمعرفة .

وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) حجة قوية يحاجج بها أصحاب الفكر الظلامي كل من ينكر الأحاديث لأن هؤلاء يعتبرونها وحي من عند الله ومن يفعل ذلك فهو كافر و عدو لله ورسوله ...إلخ.

النطق ليس التفوه بكلام /حديث ، هو عبارة عن إنشاء حركة مستمرة وطيّها بعيدا عن المركز من أجل التحكم في الشيء الذي في حوزتك فالنطق إنشاء طاقة /قوة من أجل الارتقاء ، فما ينطق عن الهوى هو المنطق المجرد من كل تأثير ، موضوعي و محايد معتمدا على قواعد علمية التي تحيط بكل شيء ، هذا الشيء الذي في قبضتك يستخدم من أجل منفعة البشرية ، هذا العلم / الوحي له علاقة بالمعرفة ولا يأتي عشوائيا .

علّم : معاينة علمية نستعين بها لمعرفة الشيء وذلك لنسج عمل جديد بعد اللّحم و التوصيل والتكرار ( الشدة فوق حرف اللام) و (م) اكتمال الحركة /تمام الخواص لأنّها جاءت في آخر اللفظ.

عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَىٰ ﴿5﴾ ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَىٰ ﴿6) فبعد المعاينة العلمية النتيجة تكون قرارات قوية ، تشييد بنية تكون القاعدة الأساسية لذلك العلم / ما توصلت إليه و إخراجه فالأشياء التي نتوصل إليها لم تأت عشوائيا بل نتيجة أدوات نمتلكها والتي تساعدنا بالمرور وبقوة إلى ما نصبوا إليه وهذا لا يأت إلا بعد تكرار والتأكد وأخذ القرار النهائي (مِرَّةٍ) والاستواء يعني النضوج والوصول إلى الغاية المطلوبة بمعنى أصبحت الفكرة جاهزة .

فالباحث، العالم حين دراسته لأي موضوع لا بد أن يقلّب و ينقّب في كل آفاق الشيء وبالتالي سيتدلى له / تبدأ الصورة بالوضوح ويصبح قريب ويدنو منه ، كلّه وفق القانون الإلهي وبالتالي هذا العبد مهما كان جنسه سيسعى لتعبيد الطريق من أجل مصلحة العباد.

هذا العبد / الإنسان الذي وظّف طاقاته من أجل المصلحة العامة، نابعة من آليات فيها الصدق و التصديق والنتيجة شيء فيه فائدة وليس بكذب الذي يؤدي إلى تعطيل الصدق ، طبعا سيواجه معارضين نتيجة أي معرفة جديدة تخالف المألوف الموروث وهذا هو المماراة أي الصد وفي نفس الوقت الدفاع عن الموروث بمعنى حركة متكررة لاحتواء الشيء له فعّالية ممتدة ومستمرة حتى الوصول إلى الهدف مع التناوب .

فآليات البحث تتطلب تكرار الرؤية من أجل التأكيد و الثبات فنتيجة أي بحث في أي ميدان لا تتم منذ المرّة الأولى و انتهى الأمر بل يتم تكرارها والتثبت منها بطرق أخرى و نَزْلَةً أُخْرَى لا تعني رقم 2 بل التكرار من أجل التأكد لكي لا تكون النتيجة فيها ضرر مادي أو معنوي ( النتائج المتسرّعة )

السدرة هي حركة سير ضمن مسار مهيمن عليه من أجل تحقيق هدف معيّن كدليل من أجل الرؤية والحكم وربط النتيجة بشكل نهائي ، إذا فسدرة المنتهى هي الرؤية النهائية ، عندها تصل إلى جنة المأوى فالشيء المخفي الذي جنيته سيكون مأوى لك و لغيرك ، فبفضل العمل الدؤوب ، الممنهج هذا الكشف ما هو إلا آية من آيات الله و هذا كلّه نتيجة تلك البصيرة والتي عن طريقها تتحقق العلامات الكبرى النابعة من ربّك / عقلك .

هل النتائج والتي تتمسكون بها ولا نفع يرجى منها هي الحل الأمثل ؟ إنها نتائج ذات بنية هشة آنية لا يمكن لها الصمود لأنها مبنية على التسرع وعلى العاطفة فاللاّت هي حركة / عمل متكرر الغاية منه التواصل لنسج حركة ورؤية جديدة ويمكن لها أن تتحقق أو لا ( التاء) مفتوحة على احتمالين أمّا العزّى هو عمل برز بسرعة ومرّة واحدة من غير تكرار ، مبني على التمني رغم هذا الخلل الواضح وما يعكسه على أرض الواقع ، يصرّون أنهم الأجدر ولا يرضون عنه بديلا ، أنهم الأساس ( الذكر) أما الذي توصل إلى بحث عقلاني ونتيجة عقلانية فهو بالنسبة لكم لا قيمة له بل هو ثانوي ( الأنثى) فقولكم وما ترجمتموه على أرض الواقع هذا هو قسمة ضيزى ، هو عمل لا تجديد فيه بل يسير ضمن حال و مسار واحد محاط من كل جانب لأجل توجيهه لهدف معيّن/مصلحة فئوية .

سورة النجم لا علاقة لها بتلك المقابلة ( الشيطانية) وطرق أبواب السماء وما حدث فيها من حوارات وصعود وهبوط وإسراء ومعراج ... هذا الكتاب هو كتاب علم ومنهج ينوّر العقول ويبني الجنّة.

Subscribe by Email

Follow Updates Articles from This Blog via Email

No Comments

About