ما الفرق
بين الصوم و الصيام ؟ هذا المصطلحان لهما نفس المفهوم وهما باختصار كل شخص أغلق
جميع منافذ الاستقبال بمحض إرادته وقد ورد لفظ الصوم و مشتقاته في العديد من أجزاء
سور المصحف (صُمٌّ / الصُّمُّ / وَالْأَصَمِّ/ الصُّمَّ/ وَالْأَصَمِّ ) وكلّها لها نفس المعنى وهو غلق / سد أي طريق لاستقبال أي شيء ،
وهذا العمل مادي أو معنوي أو كلاهما فإلى
جانب عدم الأكل و الشرب هناك النميمة التعدي على حقوق الغير...كذلك من يبتعد عن
الناس ويخفف الاحتكاك بهم لسبب من الأسباب وعادة له علاقة بعمل ما كتمضية معظم
وقته وتركيز أفكاره في البحث والعلم والابتعاد / غلق أي باب لكل تشويش يمكن له
التأثير على تلك الأفكار وبالتالي العمل المنجز فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَٰنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا ﴿26 مريم﴾
ذهب معظم من تدبّر هذه الآية حديثهم وقديمهم أن المقصود بالصوم هو عدم الكلام ، بل ذهبوا
وقالوا " قالت بالإشارة ولم تتلفظ." والسؤال
ما السبب لهذه الحركة ؟ الجواب أنّه أمر من عند الله أن تبقى صامتة تسألهم
لماذا، يقولون لك إنّها حكمة إلهية ، وهي أن ينطق عيسى في المهد ويبين حاله للناس !!!. تصوروا هذا الفهم الساذج.
لنتدبّر لفظ مريم ، هي صفة لكل نفس تعتبر مصدر لرؤية محكمة، نتيجة تجارب
مستمرة الغاية منها إتمام نواقص العمل / الحركة حتى بلوغ العملية تمامها ، فالنبية
مريم أكلت و شربت من منابع المعرفة و العلم وهو النبي زكريا الذي كفلّها وكسّر
الموروث ، فعلّمها علوم عصرها ( الطب و الصيدلة ) فبرعت فيهما وتفوقت على معاصريها
، والأكل و الشرب ليس المقصود به حبات
التمر الذي سقط بعد هزها لجدع النخلة ، فهل تصدقون امرأة باستطاعتها تحريك نخلة و
نفضها ، فما هي هذه القوة العضلية التي تمتلكها ؟ !!! والذي يصدق ذلك يؤمن بالخوارق .
نعود إلى موضوع مريم ، الباحثة ، العالمة في مجالها والتي تقضي معظم
أوقاتها في المحراب / مخبر / مكان للبحث و
الدراسة ، وبالتالي صامت / سدت كل باب يكون مصدر اتصال مع الناس واتخذت من دونهم
حجاب وهو نوع من الوقاية وحماية الشيء وهذا لا يحصل إلا بسلاح العلم والمعرفة .
أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ ۚ هُنَّ
لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ ۗ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ
تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ ۖ فَالْآنَ
بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ ۚ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا
حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ
مِنَ الْفَجْرِ ۖ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ۚ وَلَا
تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ۗ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ
فَلَا تَقْرَبُوهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ
يَتَّقُونَ ( البقرة 187)
الرفث هو عمل متكرر فيه إصرار يحمل رؤية من أجل هدف معيّن ( رأي أو حكم)
كيف نفهم الرفث هو علاقة حميمية وفي نفس الوقت نهان الله عن إقامتها و نحن
في المساجد عندما نكون في حالة اعتكاف ؟ إذا نستنتج ، عدى هذه الحالة أن المسألة عادية !! فأي عاقل يقوم بذلك إذا فهمنا ان المساجد هي تلك الأماكن التي تقام فيها بعض الشعائر/ طقوس
. كذلك كيف يتعرض الله إلى هذه العلاقة علما أنها علاقة فطرية ولها ضوابط
.
المسجد هو كل مكان تقام فيه بحوث / دراسات /
تعليم وكلّه باسم الله والنتيجة منفعة للناس جميعا .
النساء ليس جمع امرأة وهذا اسمه لغو لأن أرباب معاجم " اللغو"
العربية أرادوا ذلك ، فالنساء فئة تشمل الذكور و الإناث فيزيولوجيا ، فالنساء حالة
ناشئة تحتاج إلى توجيه وعناية ومراقبة وهذا اللفظ لا علاقة له بجنس بشري فالنساء
صفة لكل شخص لم يصل بعد إلى مرحلة القوامة سواء في الإدارة أو المال أو الاثنين
معا إلى جانب البلوغ إلى مرحلة متقدمة في العلم والمعرفة .
من يقول أن النساء جمع نسيء فهو على خطأ إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي
الْكُفْرِ ۖ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ ... التوبة 37 والنسيء من نسأ وهو عمل يقوم به
كل شخص ابتدع / أنشأ وضعا لحماية نفسه وفي نفس الوقت يسيء لغيره وبالتالي يحدث
أمرا له تأثير في واقع الناس .يُحِلُّواْ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُۚ زُيِّنَ لَهُمۡ
سُوٓءُ أَعۡمَٰلِهِمۡۗ]. فالنسيء هو إساءة.
أحل لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ بما أن الرفث
هو إصرار لعملية ملّحة ومتكررة من أجل شيء ما، و الرفث هو حالة تصبح فيها الأفكار
مشوشة وضبابية بين الإنسان وبين ثبات أفكاره وبالتالي الحل هو التعاون ومد يد العون و العمل كفريق مع النساء ،
هؤلاء المساعدين هم عون للرجال وهم عونا لهم وبالتالي يؤدي إلى عمليات التفاعل
لهذه الطاقة وإخراجها ، فالصيام يحتاج إلى جهد وصبر للخروج من ليله ، الوقت الذي
لم تخرج منه بعد ولم يطل نهاره ، لم يتبيّن الخيط الأبيض من الأسود،أي استمروا في
حالة العمل والبحث والصيام وابتعدوا عن كل شيء يسبب تشويش للأفكار حتي تظهر نتائج البحث الدقيقة والصحيحة.
تختانون ، الختن آلية نخرج بها طاقاتنا الباطنية لنفعل بها ما نشاء غير أن
الوقت لم يحن بعد والسبب هو الرفث .
شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ
وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ
فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ
أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ
وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ
وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾[185]البقرة
يقولون أن شهر رمضان أنزل فيه القرءان وتحديدا ليلة القدر وفئة أخرى قالت
أنه أنزل جملة الى السماء الدنيا ثم نزل منجما إلى الأرض ، وعموما الفريقان اتفقا
على أن القرءان نزل في شهر رمضان ، وهذه مغالطة فلو كان كذلك لجاءت الآية بالصيغة
التالية شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ الْقُرْآنُ فِيهِ وبالتالي يصبح هذا
الشهر ذو قيمة ، فيه تشريف لأيامه و لياليه بنزول القرءان فيه .
فالمقصود أن شهر رمضان لميزاته الطبيعية /خصائصه أنزلت فيه بعض السور من
القرءان ، وقد تمّ توظيف لفظ القرءان ليعطينا فكرة / خبر أن ما انزل هو قرءان ، والدليل على ذلك: هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ
وَالْفُرْقَانِ فلو كان المقصود القرءان / ما بين الدفتين لاكتفى بالقول شَهْرُ
رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ
فقط .
إذا الحديث هنا عن كيفية التعامل مع شهر رمضان وبقية الجزء 185 من سورة
البقرة تؤكد ذلك ، فقد فصّل / بيّن لنا الله كيفية التصرف في بعض الحالات في هذا
الشهر فالله سبحانه و تعالى يريد بنا اليسر وليس العسر .
شهر: تشعب وانتشار للحركة خاضع لنظام يتكرر بشكل منتظم ( الظهور والغياب)
رمضان : حركة متكررة ساكنة نتيجة ضغط فتتراكم عناصرها من أجل الإحاطة وعدم
انحرافها لكي تكون مستعدة لمعاودة نشاطها من جديد .
فشهر رمضان ، هو تلك الفترة المتكررة من العام ، وهذا يناسب فصل الخريف حيث
الجمود والجفاف والسبات والشِحّة ، وهذا يؤثر على الحيوان و النبات بما فيهم
الإنسان وما يمثل هذا الفصل من طاقة
سلبية ضاغطة وهذا طبيعته ، حيث يشعر
الإنسان في الغالب بالكسل والرغبة في الراحة وتقل فعّالياته ، ففصل الخريف تدخل
الطبيعة في سبات فتنفذ المحاصيل الفلاحية أو تكون شحيحة كما أن المطر ينعدم فيه
وتكون الحيوانات إما في سبات أو لا زالت ترعى صغارها كما أن الطيور تبدأ بالهجرة
إلى أماكن أخرى ، ونتيجة هذا الوضع فقد أولى القرءان أهمية لهذا الموضوع فأنزل
آيات أوصى فيها الناس كيفية مواجهة هذه الحالة العصيبة والطريقة المثلى لتجاوزها
عبر عملية الصوم ، فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ
الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ والمقصود به المعرفة
التفصيلية وأثر هذا الشهر على الناس وكيفية التعامل معه كالامتناع عن الأكل و
الشرب والمساهمة في ترشيد الاستهلاك كما أنّه يعطي للجسم فرصة التخلص من الدهون
والتغلب على شهوات النفس و ترويضها إلى جانب مساعدة الآخرين ، الفئة التي لا
تستطيع المقاومة والتحمل نتيجة الفاقة والشح في الغذاء . وللتذكير لفظ رمضان ذكر
مرة واحدة في المصحف .
الخطاب موجه للذين آمنوا ، أي الفئات التي ترتاح معهم ويعطوك الأمان ، فهي
فئة خاصة وبالتالي الخطاب خاص و ليس تشريع
ومسألة " كتب عليكم " لا تفيد أن الله سبحانه و تعالى من كتب
علينا ذلك ، بل ظروف معيّنة هي التي اقتضت ذلك وبالتالي " الصيام " هو
إجراء احترازي / وقائي من أمر ما ، وهذا الأمر هو " أيام معدودات "
وليست أيام متواصلة و متسلسلة ، فهذه الأيام المعدودات هي تعبير عن فترة قصيرة
نسبيا حتى تنقضي .
متى شهر الصيام ؟ بين شهري سبتمبر و أكتوبر .
Subscribe by Email
Follow Updates Articles from This Blog via Email
No Comments