يقولون أن الشهيد هو من ضحى
بنفسه في سبيل الله عز وجل وفي سبيل الحفاظ على دينه وعلى عرضه وعلى وطنه من أي عدوان
والشهيد هو من مات محاربا في سبيل استرداد الوطن او مات مدافعا ومهاجما على الظالمين
الذين تعدوا على حدود الله عز وجل والشهيد هو الذي استشهد على ايد الخونة من تفجيرات
وقتل الكبير منهم والصغير وللشهيد مكانة عظيمة عند الله عز وجل فهو حي لا يموت ويخلد
في جنة الخلد ينعم فيها ويحيا فيها.
ويقولون أن الله سبحانه وتعالى
للشهداء أعد مكانة عليا في جنانه، كما كرمهم بالرحمة والمغفرة، ويبقيهم الله سبحانه
وتعالى أحياء يرزقون في رحابه. والشهداء أنواع المطعون والمبطون والغريق وصاحب الهدم
والشهيد في سبيل الله.
"في الحديث المتفق عليه
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الشهداء خمسة: المطعون، والمبطون، والغريق، وصاحب
الهدم، والشهيد في سبيل الله. رواه ابن ماجه وأبو داود وغيرهما من حديث جابر بن عتيك
أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الشهداء سبعة سوى القتل في سبيل الله:
المطعون شهيد، والغريق شهيد، وصاحب ذات الجنب شهيد، والمبطون شهيد، والحرق شهيد، والذي
يموت تحت الهدم شهيد، والمرأة تموت بجمع شهيد.
والمبطون كما يقول النووي:
هو صاحب داء البطن، وهو الإسهال. وقال القاضي: وقيل: هو الذي به الاستسقاء وانتفاخ
البطن. وقيل: هو الذي تشتكي بطنه. وقيل: هو الذي يموت بداء بطنه مطلقًا.
وقوله: المرأة تموت بجُمع شهيد.
أي تموت وفي بطنها ولد، فإنها ماتت مع شيء مجموع فيها غير منفصل وهو الحمل. وقيل: هي
التي تموت بكرًا. والأول أشهر كما قال الحافظ في الفتح.
هذا وخصال الشهادة أكثر من
هذه السبع، قال الحافظ ابن حجر: وقد اجتمع لنا من الطرق الجيدة أكثر من عشرين خصلة..
وذكر منهم: اللديغ، والشريق، والذي يفترسه السبع، والخار عن دابته، والمائد في البحر
الذي يصيبه القيء، ومن تردى من رؤوس الجبال. قال النووي : قال العلماء: وإنما كانت
هذه الموتات شهادة يتفضل الله تعالى بسبب شدتها وكثرة ألمها. اهـ
قال ابن التين : هذه كلها ميتات
فيها شدة تفضل الله على أمة محمد صلى الله عليه وسلم بأن جعلها تمحيصًا لذنوبهم وزيادة
في أجورهم يبلغهم بها مراتب الشهداء. اهـ
قال الحافظ : والذي يظهر أن
المذكورين ليسوا في المرتبة سواء، ويدل عليه ما روى أحمد وابن حبان: أن النبي صلى الله
عليه وسلم سئل: أي الجهاد أفضل؟ قال: من عقر جواده وأهرق دمه. رواه الحسن بن علي الحواني
في كتاب المعرفة له بإسناد حسن من حديث ابن أبي خالد قال: كل موتة يموت بها المسلم
فهو شهيد غير أن الشهادة تتفاضل. .
ثم قال: ويتحصل مما ذكر من
هذه الأحاديث أن الشهداء قسمان: شهيد الدنيا وشهيد الآخرة، وهو من يقتل في حرب الكفار
مقبلاً غير مدبر مخلصًا. وشهيد الآخرة وهو من ذكر، بمعنى أنهم يعطون من جنس أجر الشهداء
ولا تجري عليهم أحكامهم في الدنيا. اهـ.
وبما تقدم نعلم أن المسلم الذي
يموت بسبب مرض أو حادث سيارة ونحو ذلك من الميتات التي فيها شدة وألم نرجو أن يكون
من الشهداء.
هذا وليعلم أن لنيل أجر الشهادة
شروطا كما قال السبكي عندما سئل عن الشهادة وحقيقتها. قال: إنها حالة شريفة تحصل للعبد
عند الموت لها سبب وشرط ونتيجة. اهـ
من هذه الشروط: الصبر والاحتساب
وعدم الموانع كالغلول، والدَّين، وغصب حقوق الناس. ومن الموانع كذلك: أن يموت بسبب
معصية كمن دخل دارًا ليسرق فانهدم عليه الجدار فلا يقال له شهيد، وإن مات بالهدم. وكذلك
الميتة بالطلق الحامل من الزنا.
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية
: عن رجل ركب البحر للتجارة فغرق فهل مات شهيدًا؟ أجاب: نعم مات شهيدًا إذا لم يكن
عاصيًّا بركوبه... اهـ
وقال في موضع آخر: ومن أراد
سلوك طريق يستوي فيها احتمال السلامة والهلاك وجب عليه الكف عن سلوكها، فإن لم يكف
فيكون أعان على نفسه فلا يكون شهيدًا. اهـ"
fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa...Id..
وللشهداء مراتب حسب الفقه
الإسلامي وله مكانة عليا في الجنة والفوز العظيم هو أعلى مراتب الجنة عند الله بصحبة
الانبياء وعلى حوض النبي محمد صلوات الله عليه. وأنه في مأمن من عذاب القبر وأن
ذنوبه تكفر بالشهادة وروحه ترفرف في الجنة.
أنواع
الشهداء:
قسّم الفقهاء الشهداء إلى
فئات أو أنواع:
شهيد
الدنيا والآخرة
فهو الشهيد الكامل الشهادة،
وهو أرفع الشهداء منزلة عند الله. وأفضلهم مقاماً في الجنة، وهو المسلم المكلف الطاهر،
الذي قُتل في المعركة مخلصاً لله النية، مقبلاً غير مدبر، سواء قتله أهل الحرب أو البغي
أو قطاع الطريق، أو وجد في المعركة وبه أثر القتل، أو قتله مسلم أو ذمي ظلماً بآلة
جارحة ولم تجب بقتله دية وكان موته فور الإصابة، أو وُجد قتيلاً عند انكشاف الحرب ولم
يُعلم سبب موته؛ سواء أكان عليه أثر دم أم لا، وسواء مات في الحال أو بقي زمناً ثم
مات بعد ذلك، وسواء أ أكل وشرب ووصى أم لا، وسواء أكان رجلاً أو امرأة بالغاً أو غير
بالغ. أو هو شهيد المعركة هو المسلم الذي وقع قتيلاً بين الأعداء في أثناء المعركة
ومات فور إصابته. ولا فرق بين أن يكون قتله بقذيفة مدفع، أو صاروخ، أو رصاصة بندقية
أو مسدس، أو قنبلة طائرة أو لغم في أرض أو سيف أو رمح أو سكين أو عصا أو دبابة تسير
على جسده، أو بأي وسيلة أخرى مباشرة أو غير مباشرة في القتل. ولو كان المقاتل يركب سيارة أو دبابة أو طائرة، في أثناء المعركة، وهو قائم
بعمل يتصل بالمعركة، وتدهورت السيارة أو الدبابة أو هوت الطائرة سواء كان ذلك بفعل
العدو أو غير فعله، فقتل، فهو شهيد معركة، كذلك والأصل في ذلك شهداء أحد إذ لم يقتلوا
كلهم بالسيف والسلاح بل منهم من دمغ رأسه بحجر، ومنهم من قتل بالعصا، ومع ذلك فقد عمّهم
النبي صلى الله عليه وسلم في الأمر بترك الغسل.ولو قاتل العدو المقاتلين حتى ألقاهم في
بحر أو نهر أو بركة فماتوا أو مات بعضهم فهم شهداء معركة. ومن قتله المسلمون في المعركة
خطأ، أو قتل نفسه في المعركة بيده خطأ، كأن رمى قنبلة على الأعداء فأصابته وقتلته فهو
شهيد معركة. وإذا جُرِح أحد المقاتلين في المعركة وحُمِل حياً من ساحتها، ولم يعش عيشة
مستقرة بعدها، كأن يبقى فاقد الوعي ثم مات، وهو على هذه الحال، فهو شهيد معركة. وإذا أغار العدو على جماعة من المسلمين سواء أكانوا عسكريين أم مدنيين،
وسواء كانوا في معركة أو في مدينة أو في قرية أو في مضارب البدو فقتل منهم أناساً؛
فإن كل قتيل منهم شهيد، له حكم شهيد معركة.
شهيد
الدنيا
هو من غل من الغنيمة أو مات مدبراً، أو من قاتل لتُعلم
شجاعته، أو طلباً للغنيمة فقط. ولعل كل قتيل في المعركة، لم يكن مخلصاً لله، فهو من شهداء الدنيا، فإذا
كان الباعث له، ليس الجهاد في سبيل الله، وإنما شيء من أشياء الدنيا، فإنه لا يحرم
نفسه من الأجر والثواب فحسب، بل إنه، بذلك، يعَّرض نفسه للعذاب يوم القيامة، فعن أبي
هريرة قال: "سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ
إِنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهِ رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ فَأُتِيَ
بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا قَالَ فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا قَالَ قَاتَلْتُ
فِيكَ حَتَّى اسْتُشْهِدْتُ قَالَ كَذَبْتَ وَلَكِنَّكَ قَاتَلْتَ لأَنْ يُقَالَ جَرِيءٌ
فَقَدْ قِيلَ ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ"
(رواه مسلم، الحديث الرقم 3527 )
شهيد
الآخرة
هو من أثبت له الشارع الشهادة،
ولم تجر عليه أحكامها في الدنيا، أي أنه كباقي الموتى يغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن،
وقد جعلهم الشارع في حكم الشهداء، لخصلة خير اتصفوا بها، أو لمصيبة أصابتهم فقدوا فيها
حياتهم. وقد ذكر العلماء، بناء على ما ورد من أحاديث، أن شهداء الآخرة كثيرون عدها
السيوطي ثلاثين، وأوصلها بعضهم إلى الخمسين فمن ذلك:
طالب الشهادة، والمطعون، والمبطون،
والغريق، وصاحب الهدم، وصاحب ذات الجنب، والحريق، والمرأة تموت بالنفاس، والمقتول دون
ماله، والمقتول دون مظلمته، أو دون دينه أو أهله أو دمه، والميت بالغربة، والمواظب
على قراءة آخر سورة الحشر العامل بما فيها، وطالب العلم، والمقتول صبرا والمقتول بسبب
قوله كلمة الحق للحاكم.
الشهيد
عند اليهود: يستعمل
اليهود لفظة قدوش هاشم (تقديس اسم الله) على الأعمال التي ترضي الله بشكل كبير وتعتبر
التضحية بالنفس من أجل الديانة اليهودية إحدى أهم ركائزها. تطلق لفظة الشهيد غالبا
على القتلى اليهود في الحروب المكابية والحروب التي تلتها ضد الرومان. كما تطلق اللفظة
على اليهود الذين تم قتلهم لأسباب دينية على مر العصور.
الشهيد
عند النصارى: تطلق
لفظة شهيد في المسيحية على كل من قتل بسبب تبشيره بالديانة المسيحية أو إيمانه بها.
وتطلق لفظة شهداء الكنيسة على المسيحيين الأوائل الذين تم اضطهادهم عن طريق الرومان
أو البارثيين.
معنى
الشهيد:
عموما هكذا فهم الفقهاء
قديمهم وحديثهم الشهيد باعتمادهم على أحاديث منسوبة للنبي (ص) ودعّموا ذلك بآيات
قرآنية فسّروها حسب أهوائهم ولغاية، فهم لفهمهم للشهيد وطروحاتهم أصبحوا في وادي
والطروحات التي طرحها التنزيل الحكيم في وادي وليس هناك أي رابط منطقي بينهما.
الشهيد مشتق من الجذر
شَهَدَ مقاييس اللغة – ابن فارس-
(شَهَدَ ) الشِّينُ وَالْهَاءُ
وَالدَّالُ أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى حُضُورٍ وَعِلْمٍ وَإِعْلَامٍ ، لَا يَخْرُجُ شَيْءٌ
مِنْ فُرُوعِهِ عَنِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ . مِنْ ذَلِكَ الشَّهَادَةُ ، يَجْمَعُ الْأُصُولَ
الَّتِي ذَكَرْنَاهَا مِنَ الْحُضُورِ ، وَالْعِلْمِ ، وَالْإِعْلَامِ . يُقَالُ شَهِدَ
يَشْهَدُ شَهَادَةً. وَالْمَشْهَدُ : مَحْضَرُ النَّاسِ .
وَمِنَ الْبَابِ: الشُّهُودُ
: جَمْعُ الشَّاهِدِ ، وَهُوَ الْمَاءُ الَّذِي يَخْرُجُ عَلَى رَأْسِ الصَّبِيِّ إِذَا
وُلِدَ ، وَيُقَالُ بَلْ هُوَ الْغِرْسُ . قَالَ الشَّاعِرُ :
فَجَاءَتْ بِمِثْلِ السَّابِرِيِّ
تَعَجَّبُوا لَهُ وَالثَّرَى مَا جَفَّ عَنْهُ شُهُودُهَا
وَقَالَ قَوْمٌ : شُهُودُ النَّاقَةِ
: آثَارُ مَوْضِعِ مَنْتَجِهَا مِنْ دَمٍ أَوْ سَلًى . وَالشَّهِيدُ: الْقَتِيلُ فِي
سَبِيلِ اللَّهِ ، قَالَ قَوْمٌ : سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ مَلَائِكَةَ الرَّحْمَةِ
تَشْهَدُهُ ، أَيْ تَحْضُرُهُ .
وَقَالَ آخَرُونَ: سُمِّيَ
بِذَلِكَ لِسُقُوطِهِ بِالْأَرْضِ ، وَالْأَرْضُ تُسَمَّى الشَّاهِدَةَ . وَالشَّاهِدُ:
اللِّسَانُ ، وَالشَّاهِدُ : الْمَلَكُ . وَقَدْ جَمَعَهُمَا الْأَعْشَى فِي بَيْتٍ :
فَلَا تَحْسَبَنِّي كَافِرًا
لَكَ نِعْمَةً عَلَى شَاهِدِي يَا شَاهِدَ
اللَّهِ فَاشْهَدِ
فَشَاهِدُهُ: اللِّسَانُ :
وَشَاهِدُ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ ، هُوَ الْمَلَكُ ، فَأَمَّا قَوْلُهُ جَلَّ وَعَزَّ
: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ، فَقَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ : مَعْنَاهُ
أَعْلَمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، بَيَّنَ اللَّهُ ، كَمَا يُقَالُ : شَهِدَ فُلَانٌ
عِنْدَ الْقَاضِي ، إِذَا بَيَّنَ وَأَعْلَمَ لِمَنِ الْحَقُّ وَعَلَى مَنْ هُوَ .
[ ص: 222 ] وَامْرَأَةٌ مُشْهِدٌ ، إِذَا
حَضَرَ زَوْجُهَا ، كَمَا يُقَالُ لِلْغَائِبِ زَوْجُهَا : مُغِيبٌ . فَأَمَّا قَوْلُهُمْ
أَشْهَدَ الرَّجُلُ ، إِذَا مَذَى ، فَكَأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الَّذِي ذَكَرْنَاهُ
مِنَ الْمَاءِ الَّذِي يَخْرُجُ عَلَى رَأْسِ الْمَوْلُودِ .
وَمِمَّا شَذَّ عَنْ هَذَا
الْأَصْلِ: الشُّهْدُ : الْعَسَلُ فِي شَمَعِهَا ; وَيُجْمَعُ عَلَى الشِّهَادِ . قَالَ :
إِلَى رُدُحٍ مِنَ الشِّيزَى
مِلَاءٍ لُبَابَ الْبُرِّ يُلْبَكُ بِالشِّهَادِ
الشاهد والشهيد مشتق من
كلمة شَهَدَ أي ذو أصل واحد، غير أن التنزيل الحكيم فرّق بينهما وهما يختلفان
كلياّ عن بعضهما. وقد وردت ألفاظ عديدة في المصحف مشتقة من شَهَدَ (شاهد / شهيد / شهداء
/ شاهدين / شهود / أشهاد / شهادة / وغيرها..) . والملاحظ أن لفظ شهيد إذا كانت
منسوبة لله فلا جمع له أمّا إذا كانت نسبته
لمخلوق فجمعه شهداء وأشهاد، وقد يجمع على شهود. أما الشاهد فيجمع على شاهدين فإذا كان
هناك شهداء وشاهدين معاً جمعناهم على شهود وأشهاد.
شهادة
الشهيد: هو الذي رأى وسمع أي لديه
معرفة، والمعرفة عند الشهيد، بالشيء أو بالحدث الذي شهده، معرفة حضورية سمعية بصرية.
قال تعالى﴿ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَىٰ أَجَلٍ
مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ۚ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ ۚ وَلَا يَأْبَ
كَاتِبٌ أَن يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ ۚ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي
عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا ۚ فَإِن
كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَن
يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ ۚ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ
مِن رِّجَالِكُمْ ۖ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن
تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ
إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَىٰ ۚ وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا
ۚ وَلَا تَسْأَمُوا أَن تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَىٰ أَجَلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ
أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَىٰ أَلَّا تَرْتَابُوا ۖ
إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ
جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا ۗ وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ ۚ وَلَا
يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ ۚ وَإِن تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ
بِكُمْ ۗ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ
عَلِيمٌ (282) ﴾ البقرة
في هذه الآية، الشهيد أو
الشهداء ما هم إلا أشخاص أحياء وأصحّاء يمثلون شهود عيان على معاملة مالية وللتذكير فإن شهادة
المرأة تعادل شهادة الرجل وهذا مبحث آخر سوف آت على ذكره. وهناك آيات فيها الشهيد
أو الشهداء العارف بالشيء أو بالحدث الذي أدى شهادته للآخرين، وللشهيد ليكون شهيداً،
شرطين: الحضور (صفة من حضر ورأى وقوع الواقعة رؤية العين) / الاستعداد للإدلاء بها
حين الطلب. قال تعالى﴿ مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا
اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ۚ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ
ۖ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ ۚ وَأَنتَ عَلَىٰ كُلِّ
شَيْءٍ شَهِيدٌ (117) ﴾المائدة. وهناك الكثير من الآيات التي تؤكد على أن
الشهيد يتمتع بصفة الحضور ورؤية الواقعة.
شهادة
الشاهد: هي شهادة معرفية لها علاقة
بالخبرة المكتسبة وليست شهادة حضورية سمعية بصرية، بمعنى هي صفة من أستدل بالعقل والمنطق
على وقوع الواقعة عن طريق الظواهر والدلائل
والآثار. قال تعالى﴿ قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ
مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ
مِنَ الْكَاذِبِينَ (26) ﴾يوسف. القصة معروفة، نحن هنا أمام حادثة حصلت خلف أبواب مغلقة،
في غرفة ليس فيها سوى يوسف وامرأة العزيز، ولم يكن ثمة من حضرها ليكون شهيداً عليها.
إذا من هو الشاهد الذي شهد من أهلها؟ أهلها ليس واحد من عائلة امرأة العزيز بل هو
شخص ذو خبرة ودراية والمعرفة في تقصي الحقيقة، فالهاء تعود على الشاهد أي على ذو
الخبرة فالذي يؤدي شهادة، انطلاقاً من خبرة أو دراية أو أرضية معرفية، هو شاهد وليس
شهيداً. كذلك قال تعالى﴿ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ
الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ ﴾185 البقرة هنا الخطاب موجه لذوي الخبرة والمعرفة في
مسائل الحساب لمعرفة شهر الصيام، وقد ذهب الفقهاء وربطوه برؤية الهلال والله يقول
الشهر، وهل الشهر هو شيء مادي؟ فالمسألة لها علاقة بحساب ذهني يدخل فيه جداول.
فالذي رأى انهيار عمارة
وأدى هذا إلى كارثة ثم أدلى بشهادته بما رأى فهو شهيد. أما الذي عاين
الركام ثم قام بفحصه وحلّله... ثم أدلى بشهادته بناء على تقرير فنّي، فيه أسباب
انهيار العمارة ... بالرغم أنه لم يكن
حاضرا وقت الحادث فهو شاهد وليس بشهيد.
﴿وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ
رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُم
بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (69)
﴾ الزمر. هذه الآية تعتبر
حجة قوية لدى الفقهاء ورجال البلاط والسياسيين ،بأن الذين ماتوا في الحرب وهم
مؤمنون هم شهداء يبعثون يوم القيامة مع الأنبياء أي لديهم نفس المرتبة ، وهذا غير
صحيح فالشهداء المقصود بهم في هذه الآية هم ذوي الخبرة والمعرفة و الاختصاص ، مثل
العلماء والصحفيين والباحثين ... فباستور مثلا عرف الجراثيم ودرسها وهي مسائل كانت
غائبة وغير معروفة لدى الناس فهي مسائل غيبة وأعطى خبرته في هذا المجال وقدّم لنا لقاح
لداء الكلب ، فهؤلاء عرفوا حقيقة كانت خفية عن الناس فلم يكتموها بل أظهروها
وبيّنوها للناس (غيبيات) مثلهم مثل الأنبياء الذين جاؤوا بأخبار غيبية حدثت في
الماضي أو ستحدث في المستقبل وأعلنوها لأقوامهم ،لذا فهم أي الشهداء يأتون بعد
الأنبياء مرتبة بغض الطرف عن ملّتهم لأنهم قدّموا خدمة للإنسانية ، فالله سبحانه و تعالى يفصل بينهم يوم
القيامة بالعدل فما داموا موحدين يؤمنون يإله واحد و بيوم البعث ولا يرتكبون
المحرمات ويعملون أعمالا صالحة فهذا هو رأس الإسلام أما أنهم غير مؤمنين بالنبيّ
محمد (ص) فهذا أمر يفصل فيه الله .
أما الذي يقدم معلومات عن
نفسه يعتبر شاهد وليس بشهيد لأنه يعرف نفسه وليس لأنه يبصر ويسمع نفسه.
يقول تعالى﴿ شهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا
هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ ۚ لَا إِلَٰهَ إِلَّا
هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾(18) آل عمران. الله سبحانه وتعالى يعرّف نفسه
للآخرين بأنه لا إله إلا هو، وهي ليست بشهادة شهيد لأن الشهيد يشهد الحدث من
خارجه، أما الشاهد فيشهد الحدث من داخله، فأصحاب العلم والمعرفة والملائكة شهادتهم
ليست شهادة شهيد بل شهادة شاهد لأنهم لم يرو الله رؤيا العين ثم قدّموا شهادتهم.
فهي شهادة معرفية لا شهادة حضورية. " فالنبي محمد هو شاهد وليس
شهيد على وحدانية الله قال تعالى﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا
وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا﴾(45) الأحزاب. وهذه الشهادة على وحدانية الله، يجب أن
يبلّغها للناس لا أن يحتفظ بها لنفسه ثم ليكون شاهداً معرفياً على شهادة الناس المعرفية
بوحدانية الله.﴿ إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا
أَرْسَلْنَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ رَسُولًا (15) ﴾المزمل. إذا شهد الناس شهادة شاهد لا شهادة
شهيد بأن لا إله إلا الله، أتبعوا ذلك بشهادة معرفية ثانية، هي أن محمداً رسول الله
لهذا، فنحن شاهدون بأن لا إله إلا الله شهادة شاهد معرفية، لأننا لم نر ونسمع ونحضر
أحادية الله ووحدانية، وشاهدون بأن محمداً رسول الله شهادة شاهد معرفية، لأننا لم نحضر
قرار الله ببعث محمد رسولاً لقد كان طلب الشهادة بوحدانية الله من الناس، هو القاسم
المشترك بين الأنبياء والرسل جميعاً، بدلالة قوله تعالى: {قل تعالوا أتل ما حرم ربكم
عليكم، ألا تشركوا به شيئاً...} الأنعام 151. وقوله تعالى: {ولقد أوحي إليك وإلى الذين
من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين} الزمر 65. "محمد شحرور.
القتل
والشهادة: الشهادة والشهيد وكل
الألفاظ المشتقة من شهد والتي وردت في التنزيل الحكيم لا علاقة لها بالقتل أو
الموت أو الجهاد ... فالشاهد والشهيد لها علاقة بالسمع والبصر والخبرة، أي أن يكون
الشخص على قيد الحياة﴿ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ
أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ
ۚ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا (69) ﴾النساء. هذه الصفات يتميّز بها صاحبها وهو
على قيد الحياة وليس بعد الموت. فنحن نسمع أن الذي يموت في سبيل الوطن أو في
الجهاد أو الذي يفجر نفسه ... فهو شهيد، وقد ربطوا ذلك بآيات القتال وأن الله حرّض
على الجهاد وكذلك رسوله وقد تمّ إفهام العامة والخاصة استنادا غالى أحاديث وروايات
منسوبة ومدونة في كتاب الجهاد في صحيحي الإمام البخاري ومسلم التي فيها تحريض المؤمنين
على القتال.
ففي الوقت الحاضر هناك من
يقول من الواجب على الدعاة والمربين والإعلاميين في هذا الزمان أن يدّرسوا معالم المنهج
النبوي الكريم في تحريض المؤمنين وحثهم على بذل الأنفس في قتال الأعداء، بل الواجب
على الكلّيات والجامعات العسكرية أن تدرّس هذا المنهج لتتمكن من ولوج نفوس تلاميذها
فيسهل عليهم خوض الغمار دون تردد ولا وجل. دعوة إلى القتل والإجرام ...
هكذا تمّ اللّعب بالعقول
وإفهام الناس بأن الذي يموت من أجل الوطن (السلطان أو الملك، الأحزاب الإسلامية)
من أجل الدفاع عنه والقتال والجهاد والموت من أجل رفع رايه الإسلام فهو شهيد وحي
يرزق وفي جنة النعيم وحور العين في انتظاره ... ولا أدري حسب فهمهم التي تموت شهيدة
هل لها حور العين؟ باعتمادهم على الآية التي ليس لها قرين﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ
قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ
(169) ﴾آل عمران. الله سبحانه وتعالى لم يقل
استشهدوا بل قال قتلوا قال تعالى﴿ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن
قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ ... ﴾144 آل عمران. كذلك قال مات ولم يقل استشهد.
فالموت المربوط بالشهادة ماهي إلا سياسة بدأها الأمويون لتثبيت حكمهم، حيث
استعانوا بأساليب فاسدة من بينها الكذب على الله وعلى رسوله باختلاق الروايات
والحديث.
من مات من أجل قضية
إنسانية، وكما ذكر الله سبحانه وتعالى "في سبيل الله" نتمنى له أن يكون
من أصحاب الجنة، أما أنه شهيد كما قال السلف وكما يروّج له الآن، فهذا يتعارض
ومعنى اللفّظ ومدلوله في التنزيل الحكيم.
شهادة
المرأة:
عند استعراضنا لآيات
التنزيل الحكيم والتي تتحدث عن الشهيد وطلب الشهداء في العديد من القضايا، لم يحدد
لنا الله سبحانه وتعالى جنس الشاهد أو الشهداء ماعدا في الآية 282 من سورة البقرة.
فالمرأة
تساوي الرجل في الشهادة في رمي الأزواج (الزنا) في سورة النور الآيات
6-10 {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ
وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ
شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (6) وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ
اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (7) وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ
أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (8) وَالْخَامِسَةَ
أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (9) وَلَوْلا فَضْلُ
اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ (10).
أما في الحالات الأخرى،
فكما قلت لم يحدد لنا الله جنس الشاهد مثل حالة رد مال اليتيم سورة النساء الآية 6
والوصية 106-107 سورة المائدة. الطلاق الآية 1-2 سورة الطلاق. إتيان الفاحشة سورة
النساء 15. رمي المحصنات الآيات 4-5 سورة النور والآيات 11-13 سورة النور.
﴿ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ۚ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ
كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ ۚ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَن يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ
ۚ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ
وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا ۚ فَإِن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ
ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ
ۚ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْ ۖ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ
فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا
فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَىٰ ۚ وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا
ۚ وَلَا تَسْأَمُوا أَن تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَىٰ أَجَلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ
أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَىٰ أَلَّا تَرْتَابُوا ۖ
إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ
جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا ۗ وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ ۚ وَلَا يُضَارَّ
كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ ۚ وَإِن تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ ۗ وَاتَّقُوا اللَّهَ
ۖ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (282) ﴾ البقرة
هذه الآية، تتحدث عن
المعاملات المالية وهذه الأخيرة ذات ثلاث أنواع: طلب الشهادة في الدين المؤجل﴿
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى
فَاكْتُبُوهُ ﴾ طلب الشهادة في التجارة الحاضرة﴿ ..إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا
بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا ۗ... ﴾ليس هناك تحديد
الجنس في الشهادة. طلب الشهادة في ببيع الأصول﴿. وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ
ۚ وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ ..ۚ. ﴾فطلب الشهادة في التجارة الحاضرة
والبيع لا يتطلب إلى التوثيق إلا في حالات استثنائية، أما الحالات الأخرى فيتطلب
شهادة انتقال المنقول من بضاعة بين البائع والمشتري وأنها تمت بحالة رضائية.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوه ........ وَاسْتَشْهِدُوا
شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ
مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا
الأخْرَى
ظاهر الآية يفيد أنه في حال
عدم وجود رجل ثاني في الشهادة تعوضه امرأتان إلى جانب الشاهد الأول (الرجل) في الدين
المؤجل ولماذا امرأتان؟ وذلك في حال ضلت واحدة الأخرى تذكرها، ولكن هل في هذه الآية
إقرار وتأكيد بان المرأة في كل الأحوال ضالة؟
يجب علينا فهم معنى ضَلاًل.
وهو النسيان أو الضياع أو ذهاب الشيء عن قصد أو بدون قصد (أي الحياد عن الحق) سواء
عن عمد أو بدون عمد. فالضلال عمل سلوكي أو
تصرف مخالف للواقع يصدر من اعتقاد دون قيام البرهان عليه أو التأكد من صحته.
فالشخص الذي يضل يحاسب على أفعاله عكس الشخص الذي نسي. فالمقصود﴿ أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا
فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَىٰ ۚ ﴾هو تصور المرأة للحدث بصورة مخالفة للواقع
وتعتقد صحة ذلك الأمر دون برهان، فيمكن التذكير فقط في العقود الشفهية حين ينعدم وجود
أي طريقة للتسجيل وليس المقصودُ منه أنَّ المرأةَ بنصف شهادةِ الرَّجل؛ لأنَّه إذا
لم تَضِلَّ الشَّاهدةُ الأولى، وأدلَتْ بشهادَتِها كاملةً، فلن نحتاجَ لسَماعِ شَهادةِ
الأخرى. وهذه الصفة (الضلال) كما هو ملاحظ ليست موجودة خلقاً في المرأة، وإنما هي اكتسابية
وذلك راجع لثقافة المجتمع وتنشئِته للمرأة وللموروث الفقهي الذي حوّل المرأة إلى
عدوة نفسها ومناصرة للمجتمع الذكوري وصارت المرأة من أنصاره تساند الرجل وتدعمه في
عملية استعباده للنساء! وبذلك صارت المرأة عدوة للنساء، وعدوة لنفسها من حيث لا تشعر
!!. فمثلاً هل شهادة المرأة المحامية مثل شهادة المرأة الفلاحة ؟! هل شهادة المرأة
المهندسة مثل شهادة أربعة رجال عمال اختصاصهم ترحيل الردم ؟! لا يستويان! إذاً المسألة
متعلقة بصفة الأهلية والمستوى الثقافي للشاهد فإن كانت المرأة مثقفة وواعية تكون في
أداء شهادتها في العلاقات الحسابية بين الناس مثل الرجل تماماً، بل ممكن أن تنعقد الشهادة
بامرأتين واعيتين مثقفتين دون وجود رجل أصلاً. فالمعني بالأمر إذا وجد في المرأة أهل لأن تكون شهيد فلا مانع شرعا لأن
المسألة برمتها هي لتوثيق الحقوق والمسألة ليس لها علاقة بالعبادات.
Subscribe by Email
Follow Updates Articles from This Blog via Email
2 Comments
تحياتي لك وأتمنى لك الإستفادة وليفقنا الله لمعرفة الطريق الذي يؤدي إلى الحقيقة .
Reply Deleteلك جزيل الشكر ومرحبا بك
Reply Delete