ألفاظ المصحف وتراكيبه لها معاني خاصة لأن الأصل هي الفكرة فلا يمكن أبدا
أن تكون اعتباطية أو للسهولة أو لجمالية النص ، فالتنزيل الحكيم نزل بلسان عربي ،
و اللّسان هو الناظم للّغة ( النحو ، الصرف ، البلاغة ...) وكما هو معلوم أن في
الآيات كلمات مفتاحية لفهمها وبالتالي علينا الرجوع إلى المعاجم و توظيف المعرفة اللغوية
لفهم ترابط النص والألفاظ وضرورة وجود معنى مفهومي واحد لكل المشتقات، التي جرى اشتقاقها
من جذر لغوي واحد لتكوين المعنى المحدد المراد والمشار إليه في النص. فالذين فسروه في زمن ما تعاملوا معه على
أساس نص نثري أو مقالة أو شعر ، بمعنى وكأنه كتاب ارضي وليس سماوي بالرغم أنهم
يؤكدون أنه سماوي وكانت النتيجة كارثية ، صحيح وردت لفظة الحمير في آيتين ولكن ليس لهما
نفس المعنى وذلك حسب سياق الآية.
﴿وَلَقَدْ
آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ ۚ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا
يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (12) وَإِذْ
قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ ۖ
إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13) وَوَصَّيْنَا
الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ
فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14) وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ
لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ۖ وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ۖ
وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ۚ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ
فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (15) يَا
بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ
أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ
لَطِيفٌ خَبِيرٌ (16) يَا
بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ
وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا أَصَابَكَ ۖ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (17) وَلَا
تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّ اللَّهَ
لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (18) وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ ۚ إِنَّ أَنكَرَ
الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (19) ﴾ لقمان.
أثناء جلسة نقاش بيني وبين بعض
الأصدقاء تمّ التطرق إلى هذه الآية من
سورة لقمان وملخصها كيف أن الله سبحانه و تعالى أكّد أن صوت الحمار منكر وبالتالي
فيه ذم و نوع من الاحتقار لهذا الحيوان وهذا لا يجوز، وكانت آرائهم صائبة في ما
يخص هذه المسألة ، لا سيما أن الله سبحانه و تعالى لا يسخر من مخلوقاته ولا يحط من
شأن هذا ويرفع من شأن الآخر ( الحيوانات) . فالتفسير التقليدي هو السبب وقد أكد
هذه المسألة ، وما سلوكيات هذه الملة، ملة البخاري و مسلم خير دليل تجاه هذا
الحيوان ونحن نعرف ما يعانيه من معانات وعذاب !!... حتى
أننا في نكتنا نقول أن الحمار رفض دخول الجنة بسبب وجود الأطفال وذلك خوفا منهم أن
يعذبوه بالضرب والرفس... كما ننعت الشخص ذو الصوت الرديء أو غير محبب بأن صوته مثل
صوت الحمار أو التلميذ قليل الفهم بأنه حمار والأمثلة كثيرة.
فالآيات التي تسبق هذه الآية وعددها 7
كلها نصائح ومواعظ لقمان لأبنه ( عدم الشرك بالله ، الإحسان إلى الوالدين ، الأمر
بالمعروف و النهي عن المنكر والحث على الصبر ..) كلها نصائح أخلاقية إنسانية لها
علاقة بالأعمال الصالحة، ولكن ما علاقة الحمير وأصواتهم المنكرة بهذه النصائح ؟
فالمعنى غير منسجم مع سياق الآيات .
حين مراجعتي للفظة الْحَمِيرِ في
المعاجم العربية وجدت المعاني التالية :
الْحَمِيرِ مشتق من الجذع اللغوي حَمَر
حَمِرَ عَلَيْهِ : تَحَرَّقَ عَلَيْهِ غَضَبا
حَمِرَ الرَّجُلُ : تَحَرَّقَ غَضَباً
وَغَيْظاً
رَجُلٌ حمِرُّ : شَرُّ الرِّجال
حُمُرٌ جمع حِمَارٌ
حَمير: اسم
حَمير : جمع حِمَارُ
حِمار: اسم
الجمع : أَحمِرة و حُمْر و حُمُر و حمير ،
المؤنث : حِمارة ، و
الجمع للمؤنث : حمائرُ
حَمَرَ: فعل
حَمَرْتُ ، أَحْمُرُ ، اُحْمُرْ ،
مصدر حَمْرٌ
حَمَرَ الشَّيْءَ : قَشَّرَهُ
حَمَرَ الرَّأْسَ : حَلَقَهُ
حَمَرَ الشَّاةَ : سَلَخَهَا
حَمِرَ: فعل
حَمِرْتُ ، أَحْمَرُ ، اِحْمَرْ ،
مصدر حَمَرٌ
حَمِرَ الفَرَسُ : اِتَّخَمَ مِنْ أكْلِ
الشَّعِيرِ
حَمِرَتِ الدَّابَّةُ : تَغَيَّرَتْ
رَائِحَةُ فَمِهَا مِنْ أَكْلِ الشَّعِيرِ ،
حَمِرَ الدابة : صارت من السِّمَنِ كالحِمَار
بَلادةَ
فحسب الألفاظ إِنَّ أَنكَرَ
الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ هو إن أنكر الأصوات لصوت شر الرجال أو المتحرقين
غضبا وغيضا وبالتالي يصبح المعنى متناسق مع بقية النصائح .هذا ما تقوله المعاجم
ولكن ماذا تقول معاني الحروف المجردة للفظ الحمار / الحمير ؟
الحمير: حركة مميزة بخواص معيارية ومتكررة بشكل منظم تحمل رؤية محكمة تستبطن المحاذير، فالحمير حقائق
غيّرت المحتوى نتيجة رؤية ثاقبة .
Subscribe by Email
Follow Updates Articles from This Blog via Email
No Comments