وردت كلمة المحراب في التنزيل الحكيم، في الآيات التالية: 37- 39 آل عمران./
11مريم. / سبأ13.و سورة ص 21.
معنى المحراب في المعاجم:
مِحراب: (اسم)
الجمع : محاريب
المِحْرَابُ : الغُرفة ، وفسِّرَ به قوله تعالى : مريم آية 11 فَخَرَجَ عَلَى
قَوْمِهِ مِن الْمِحْرابِ
المِحْرَابُ : القَصْر
مِحْرَابُ الْمَسْجِدِ : مَقَامُ الإِمَامِ صَعِدَ الخَطِيبُ المِحْرَابَ
المحراب هو نتوء أو تجويف في منتصف جدار المسجد المواجه للقبلة يدل على اتجاهها.
ولكن المتأمل لكلمة المحراب و ورودها في التنزيل الحكيم يلاحظ أنه مغاير
لما جاء في المعاجم، فهل المحراب هو مكان للتعبد أو للصلاة أو للدعاء؟ وإذا كان
كذلك - وكما فهموا - نجد تناقضا لمعنى الكلمة في الآية!!! وهذا لا يجوز لأن التنزيل الحكيم كلام الله سبحانه
وتعالى دقيق مثل دقة خلقه.
فقد وردت الإشارة إلى المحراب في (صلاة زكريا في المحراب) وحصول مريم على (رزقٍ
في المحراب) مما يدعونا إلى طرح الأسئلة و إعادة النظر لفهم معنى (المـــِحْراب) من
جهة ومعنى (الصلاة في المــِـحْراب) لنصل إلى نتيجة هل أن (الصلاة في المــِحْراب)
هي (دعاءٌ في المــِـحْراب)؟ من جهة ثانية.
هذه الأحداث التي تتكرر في كل مرّة ومتتالية ، تؤكد لنا أن المحراب ليس
بمكان للصلاة أو التعبد، و الصلاة مشتقة
من : الصَّلَى/ الصَّلَا/ الصلو: هي الأمور التالية:
-
الإيقاد بالنار أو التعريض
لها. وصَلَّى العَصَا على النارِ وتَصَلاَّها: لَوَّحَها وأَدارَها على النارِ ليُقَوِّمَها
ويُلَيِّنَها.
-
صلَّى الرجل: أزال عن نفسه الصلى الذي هو نار الله الموقدة.
-
والصَّلا: وسَطُ الظَّهرِ
من الإنسانِ ومن كلِّ ذي أَرْبَعٍ. (ليقيم استقامة جسمه)
-
الصلاة: الدعاء/ التبريك/ التمجيد/ الرحمة/ الاستغفار
بعد ما عرفنا معنى الصلاة في المعاجم يمكن أن نستنتج أنها عبارة عن "وضع ضوابط ومقاييس معيّنة وذلك لتحديد مسار شيء أو أمر ما للوصول إلى غاية
أو هدف معيّن"، فعندما نقول صلّى فلان العصا على
النار وتَصَلاَّها ليس بهدف حرقها وإنما لتقويمها وتعديلها، وعموما الإيقاد بالنار
لا يهدف الإحراق وإنما التقويم والتخلص من الشوائب والأداة المستخدمة لهذا الغرض
هي الصّلاة.
إذا الصلاة هي تعريض شيء لطاقة معينة
من أجل ضبطه ضمن حدود معيَّنة للوصول به إلى مواصفات محدَّدة وتنقيته من الشوائب، ولو قرأنا الآيات بتدبر و بعيدا عن التفسير
التقليدي سوف نصل إلى نتائج منطقية ففي الآية 37 من سورة آل عمران نلاحظ أن سيدنا
زكريا كان يتردد دائما وكثير الدخول على مريم وهي في محرابها أكثر من مرّة في
اليوم !!، وهذا يؤكد لنا على أنَّ (المــِحْراب)
لا يمكن أن يكون مكانا لأداء الصلاة الشعائرية ، وذلك لعدَّة أسباب:
-
بما أن المحراب كما فهموه مكان للصلاة والتعبد، فمن غير اللائق أن يقطع
سيدنا زكريا مريم وهي في حالة خشوع.
-
لا بدَّ أنه - سيدنا زكريا- قد انتبه لما يفعل من مرة أو مرتين فلا يكررها.
-
دائما وفي كل مرة عندما يدخل عليها المحراب يلاحظ وجود الرزق.
فالمحراب وحسب نسق الآيات وأحداثها، التي تدور كلّها حول مريم وميلاد عيسى
عليهما السلام ومسألة عدم الإنجاب الذي يعاني منه زكريا بسبب تقدمه في السّن
وامرأته التي لا تنجب ، كل هذه الأمور
تقودنا إلى أن المحراب ما هو إلا مكان تقام فيه تجارب علمية أو مخبر لتحضير
العقاقير الطبية للناس. وما المحراب إلا موضع أو مكان يقوم فيه الإنسان بجهد من
أجل الوصول إلى هدف معيّن.
فمريم تعمل في هذا المجال وتقوم ببعض التجارب واستحضار العقاقير الناجعة،
وكان عملها له نتائج إيجابية ، لهذا السبب
كان سيدنا زكريا يتردد عليها باستمرار(
كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا
رِزْقًا ۖ) يتعجب من قدرتها العلميّة وكان دائما يسألها (أَنَّى لَكِ هَذَا) وليس (من
أين لك هذا) و(أَنَّى) تفيد إلى الكيفية والظرفية والطريقة بمعنى أنه يسألها كيف
توصلت وعرفت هذا؟ أما (أين) تشير إلى المكان أو الجهة وهناك فرق بين اللفّظتين.
كذلك إجابة السيدة مريم هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ غير (من الله) لأن مِنْ عِنْدِ اللَّهِ
تدل على أن وراءها قوانين إلهية وتعتمد عليها بمعنى أنها تعتمد على منهج بحث علمي
وتطبقه يشكل صحيح، أما من (عند الله) تدل مباشرة منه .
هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ غير هناك دعا زكريا ربه (هُنَالِكَ)
تفيد في ذلك الظرف وفي تلك الحالة وبعد معرفته لفائدة هذا العلم ونتائجه الإيجابية
والتي حصل عليها من طرف مريم دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ، بمعنى سأله وطلب منه وفق
الدعاء الصحيح أن يعطيه الذرية، حيث فهم وعرف كيف سيحصل على ذلك، فقد طبّق نتائج
هذا العلم للحصول على نتيجة وفق القانون الإلهي (المنهج العلمي الصحيح) فــ الدعاء
جاء بمعنى تغيير الواقع من حال إلى حالة أخرى يريدها الداعي، ولا علاقة له بالصلاة
( الشعائرية) في المحراب.
أما مناداة الملائكة له ليس بمعنى أنه وقع حوار أو أن الملائكة فوق و هو
تحت وقالت له ما قالت.. !!! إنما هو
إحساس وشعور ذاتي نتيجة تفاعل خلايا الجسم
المختلفة ، لأن الملائكة عبارة عن مخلوقات تعمل عمل نمطي ضمن برنامج و قانون موكل
لها فالملائكة مشتقة من لفظ مَلَكَ وتعني امتلك طاقة نمطية مؤثرة في الواقع ، إذ
بعدما أخذ هذا العقّار وطبّق هذا العلم وفق القوانين الإلهية كانت النتيجة
ايجابية( خلايا الجسم استجابت لهذا الدواء وتفاعلت مع بعضها) و التي حصلت معه ومع
زوجه (فأصلحنا له زوجه).
ومما يؤكد هذا الكلام، بأن المحراب هو مكان تقام فيه بحوث علمّية (مخبر) هو
وروده في عدة مناسبات في التنزيل الحكيم، زمن داوود وسليمان عليهما السلام حيث
عرفت مملكتهم تطور علمي كبير في مختلف الميادين يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ
مِنْ مَحَارِيبَ.( سبأ 13)، كذلك الزمن الذي عاش فيه سيدنا زكريا والذي عرف
بالتطور الطبّي والسيدة مريم التي اشتغلت في هذا المجال وتعلمت منه الكثير (الطب
والصيدلة) وعلمت ابنها عيسى عليه السلام ذلك.
فتكرار المحراب وتكرار الرزق فيما يتعلق بمريم و زكريا يطرح تساؤلات.
-
لنفترض أن المحراب هو مكان للصلاة الشعائرية، لماذا زكريا يكرر الدخول(أكثر
من مرّة في اليوم ) على مريم في محراب العبادة؟
-
زكريا كلما دخل المحراب يجد عندها رزق، بمعنى أن الرزق يتكرر بتكرار دخوله،
والسؤال عنه متكرر، فكان بالإمكان أن يسأل عن ذلك أول مرة (سؤال واحد) وينتهي
الأمر.
-
هل مريم كانت فقيرة إلى درجة أنها تذهب إلى المحراب (مكان للصلاة والدعاء)
وتطلب من الله أن يطعمها..! هل المحراب موضع للعبادة أما موضع للأكل والشرب والغلال؟
-
نحن نعلم أن زكريا كفل مريم، بمعنى مسؤول عنها ومتعهد برزقها وإعالتها،
وهذا فيه إهانة لزكريا بحيث تركها وأهملها
إلى درجة أنها تجوع مما اضطرها أن تطلب الله وبإلحاح ويوميا أن يرزقها الطعام،
أليس هذا مسألة معيبة ومخزية لسيدنا زكريا؟
-
وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ، إذا كان المحراب هو مكان الصلاة
أليس مفترضا أن الصلاة بشكلها الشعائري تقام في المحراب؟ وهذا نوع من الحشو،
فبالإمكان أن تأتي صيغة الآية كالتالي: وَهُوَ قَائِمٌ فِي الْمِحْرَابِ أو وَهُوَ
قَائِمٌ يُصَلِّي.
-
ذكرت المحاريب ضمن الإنجازات التي حققها عمّال داوود و سليمان و آله، فهل
كان المقصود بالمحاريب أنهم كانوا يبنون المساجد للصلاة مع بقية المنجزات العلمية
والعسكرية و المدنية؟ قال تعالى ﴿وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا
شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ
بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ
(*) يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوابِ
وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾
12- 13 سبأ . فما هذه العلاقة والربط الغريب؟
فالمحراب أو المحاريب ما هي إلا أماكن للبحث العلمي بمختلف مجالاته، كما هو
واضح مع: الطائرات الشراعية ( علمنا منطق الطير) ومعامل التعدين والقار والنحاس والتماثيل والجفان
الشبيهة بالجواب والقدور الراسيات وهي سفن راسية .
Subscribe by Email
Follow Updates Articles from This Blog via Email
1 Comments
رغم أن الموقف من علم الطب عندهم يبتغي براهين أخرى لتدعمه لكن في المجمل ومن تفصيلك للمحراب وتجىيده من الشائع هناك احساس بأن ماتقول اقرب للمنطق ولقوانين الرحمان ولمفهومها الذي يجب علينا استيعابه تعجبني مفاهيمك وقراءاتك اشكرك ربي يوفقك ويزيدك علما
Reply Delete