آية الحرابة هي واحدة من آيات العقوبات
التي وردت في التنزيل الحكيم، وقد أدى تفسير هذه الآية وغيرها الى إعطاء فكرة عامة
على أن هذا الدين (الإسلام) غير منسجم مع الواقع وأنه دين يأمر بتقطيع الأوصال
وبتر الأيدي والصلب من أجل تهم فضفاضة.فتحولت هذه الرسالة الانسانية إلى مسلسل رعب .
﴿ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ
اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا
أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ
ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ
(33) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ ۖ فَاعْلَمُوا
أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (34) ﴾المائدة.
هذه الآية عامة في المشركين وغيرهم ممن
ارتكب هذه الصفات، كما رواه البخاري ومسلم من حديث أبي قلابة -واسمه عبد الله بن زيد
الجرمي البصري -عن أنس بن مالك: أن نفرا من عكل ثمانية، قدموا على رسول الله صلى الله
عليه وسلم فبايعوه على الإسلام، فاستوخموا الأرض وسقمت أجسامهم، فشكوا ذلك إلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم فقال: " ألا تخرجون مع راعينا في إبله فتصيبوا من أبوالها
وألبانها؟ " فقالوا: بلى. فخرجوا، فشربوا من أبوالها وألبانها، فصحوا فقتلوا الراعي
وطردوا الإبل. فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعث في آثارهم، فأدركوا، فجيء
بهم، فأمر بهم فقطعت أيديهم وأرجلهم ، وسمرت أعينهم ، ثم نبذوا في الشمس حتى ماتوا
.
وقال حماد بن سلمة : حدثنا قتادة وثابت
البناني وحميد الطويل عن أنس بن مالك : أن ناسا من عرينة قدموا المدينة فاجتبوها ،
فبعثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في إبل الصدقة ، وأمرهم أن يشربوا من أبوالها
وألبانها ففعلوا ، فصحوا فارتدوا عن الإسلام ، وقتلوا الراعي ، وساقوا الإبل ، فأرسل
رسول الله صلى الله عليه وسلم في آثارهم ، فجيء بهم ، فقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف
، وسمر أعينهم وألقاهم في الحرة . قال أنس : فلقد رأيت أحدهم يكدم الأرض بفيه عطشا
حتى ماتوا ، ونزلت : ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ) الآية . ابن كثير
هذا التفسير وغيره المبني على أحاديث و روايات مفبركة إلى جانب
جهلهم بألفاظ وتراكيب التنزيل الحكيم والذي فيه عقوبة بشعة وغير مقبولة على الإطلاق،
لا زالت راسخة في الأذهان إلى حد الآن، ومصطلح الحرابة الذي أطلق على هذه الآية ما
هو إلا اختراع الشيوخ والفقهاء وهذا التفسير هو تفسير أموي وعباسي بامتياز، فقد جعلوا
الحرب على الإمام / الخليفة بمقام الحرب على الله. وفي عصر التدوين شاع هذا التفسير
بأحاديث تزعم أن النبي قتل وذبح وقطع وذلك لتبرير سلوك الخليفة العباسي تجاه معارضيه
واستمرت هذه الممارسات كوسيلة ترهيب ضد أي معارضة أو احتجاج. وهي نفس الأحاديث التي
تطبقها داعش والحركات السلفية الآن ومن يدعمها ويستنكرها العالم.
فالمشهور في هذه الآية أنه يحق للحاكم المسلم أن
يطبق هذه العقوبات إذا ثبت الجرم وهو محاربة الله ورسوله وهذا المفهوم غير واضح
حتى يمكن اتخاذه كأساس لإصدار العقوبة فما معنى محاربة الله والرسول ؟.
المفهوم السائد وتناقضه:
· الآية بدأت بأقصى عقوبة
بينما المنطق في العقوبات هو البدء بالأدنى نحو الأقصى.
· يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا
أَوْ تُقَطَّعَ هذه الألفاظ جاءت بالتشديد وهي تفيد تكرار العملية أو الفعل،
فقتَّل غير قتَل فمن غير المنطق أن تكرر العقوبة في حق الجاني فالقتل مرة واحدة
والصلب مرة واحدة والتقطيع مرة واحدة.
·
طبقا للمفهوم السائد لدى المفسرين أن النفي من
الأرض يكون خارجها أي نفيه أو نفيهم نحو كوكب آخر! في حين اتفقوا وأجمعوا على أن
النفي هو الإيداع بالسجن أو نفيه إلى بلد آخر.
· يقولون إن العقوبات
الدنيوية تسقط العقوبات الأخروية بينما في الآية عكس ذلك ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي
الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ.
· مسألة التوبة، فكيف نعرف
أنهم تابوا؟ فهؤلاء أول فرصة تأتيهم ينقضّون على الدّولة.
المفهوم الأساسي للآية:
الآية تعطينا فكرة عامة عن
طبيعة المتهم والذي يقف ضد القوانين الإلهية فنعرف أنه على باطل وهذا هو معنى الَّذِينَ
يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ.
الآية تشير إلى فئة معيّنة
من الناس وهم المصرّون على ممارسة الإجرام والخارجة عن القانون الإلهي (ُيحَارِبُونَ
و وَيَسْعَوْنَ) فهذه الفئة لديها سوابق إجرامية وتمارسه من أجل منفعة، فهم
يعتبرون من عتاة المجرمين (تجار المخدرات، تجار الرقيق الأبيض، المرتزقة، عصابات
الدعارة ، الفصائل الدينية التكفيرية ...)
وردت كلمة الأرض في
التنزيل الحكيم 461 مرة وهذا اللّفظ يختلف من آية إلى أخرى حسب الموضوع وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا ففي هذه الآية يقصد بالأرض موقع تواجد
المجتمع والنظام القائم لإدارته، فقد دأب المفسّرين والفقهاء بأن معنى الأرض واحد
في جميع التنزيل الحكيم ، فالأرض تعني الكرة الأرضية أو كوكب الأرض في مقابل
السماء. قال تعالى﴿ قَالَ الْمَلَأُ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَٰذَا لَسَاحِرٌ
عَلِيمٌ (109) يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُمْ ۖ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ
(110) الأعراف . ﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ
قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ ۖ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ ۚ قَالُوا أَلَمْ
تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا ۚ فَأُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمْ
جَهَنَّمُ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (97)
﴾النساء. فالأرض في سورة
الأعراف هي البلد أو الدولة ذات حدود معينة أو مكان الاستقرار أو موقع تواجد المجتمع
والنظام القائم لإدارته بينما في سورة النساء هناك آفاق ومجال أوسع، حيث توجد
مجتمعات أخرى يمكن الهجرة إليها.
فالذين يسعون في الأرض فسادا
هي فئة تريد تخريب المجتمع والنظام القائم.
تدرج العقوبة:
المتأمل للآية يرى أن
العقوبة متدرجة تبدأ من القتل إلى أن تصل إلى النفي، هذا ظاهر الآية ولكن هل هذه
العقوبات هي عقوبات مادية؟
التقتّيل: هي أول عقوبة تأخذ في حق المجموعة وقد
جاءت في الآية بالتشديد (يُقَتَّلُوا)، أي أن عملية القتل كعقوبة تتكرر في حق هذه
المجموعة هذا من جهة ومن جهة أخرى، هذا غير منطقي لأن المتعارف لدى الأمم أن
العقوبات من الأخف إلى الأشد. مثال ذلك:
حدثت أحداث في مدينة ما من
شغب وتكسير فإن الأمن سيقوم بمحاصرة هذه المجموعات والحدّ من عملها وذلك حماية
للممتلكات العامة والخاصة ثم تقوم باعتقال بعض المجموعات وحجزهم مؤقتا في مراكز
الشرطة للحدّ من تأثيرهم وشل حركتهم وهذا نوع من التقتيل (كبح طاقة أو استفراغ طاقة من عنصر معين لتحقيق هدف).
تتم عملية إطلاق سراحهم
بعد أن يتعهدوا بعدم تكرار ذلك وإذا عادوا مرة أخرى وتمّ القبض عليهم يتّم حجزهم
ولكن هذه المرة تكون الفترة طويلة ونسمع في بعض الأحيان عن اعتقال الصحفيين الذين
يغطون الحدث بسبب عدم أخذ تراخيص لتغطية الحدث وهذا نوع من التقتيل.
الصلب: الصّلب مصدر صلبه يصلبه صلبا وأصله من
الصليب أي الودك والصّليب والصّلب الصديد الذي يخرج من الميت وَالصُّلْبُ مِنَ الظَّهْرِ،
وَكُلُّ شَيْءٍ مِنَ الظَّهْرِ فِيهِ فَقَارٌ فَذَلِكَ الصُّلْبُ. لسان العرب فالصلب هو الدهن الذي يحيط بفقرات
الظهر والتي تساعده على مرونته.
وقد سمي الصليب صليبا
متناسقا مع هذا المعنى، فالشخص الذي يبق لساعات طويلة في الصف لإجراء معاملة إدارية يقول تصلّب ظهري من الوقوف أو الشخص إذا
علّق على خشبة فإنه سيعرق ويخرج شحمه المذاب مع العرق (صلبه) . لذا فهذه المجموعة
التي تمّ ايقافها (قتلها) وكبح جماحها فإنها ستبقى في الحجز مدة طويلة ولساعات رهن
الحجز فتتعرق ويخرج صلبها وقد ورد ذكر ذلك مع سحرة فرعون قال تعالى﴿ قَالَ آمَنتُمْ
لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ ۖ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ
ۖ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ
فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَىٰ
(71) ﴾. طه
ذهب المفسرون أن فرعون
سيعلقهم على جذوع النخل وهذا يدل عن جهل، فالله سبحانه وتعالى قال في وليس على
والمسألة بسيطة إذا فهمنا معنى الصلب حسب أصل الكلمة وسياق الآية، ففرعون هددهم
بأنه سيضعهم في جذوع النخل بمعنى سيبني لهم مكان صغير جدرانه من جذوع النحل مصفوفة
إلى جانب بعضها ووضعهم فيه مثل السجن ولكن في العراء تحت أشعة الشمس الحارقة
وبالتالي يخرج صلبهم (الدهن مع العرق) وهو نوع من العذاب وكانت هذه الطريقة متّبعة
في العهود السابقة ولا زالت في بعض الدول حيث يخرجون السجناء و يضعونهم في العراء
تحت أشعة الشمس الحارقة محاطين بأسوار سواء من قصدير أو جذوع الأشجار كعقوبة رادعة.
ومسألة تعليق الناس في
القديم على الصليب هو نوع من أنواع العقوبات، سواء لتعذيبه فيبق الشخص معلق تحت
أشعة الشمس الحارقة وهو مجرد من ثيابه لساعات طويلة أو إعدامه وذلك بجرح مكان
الوريد لكي ينزف حتى الموت وهو معلق ، لذا أطلق على هذه الخشبة الصليب. فالعقوبات
كانت في ما مضى معظمها عقوبات جسدية تعذيب أو قتل (قوانين وضعية ، ولدى الملل
الأخرى) بينما التشريع الذي جاء به الرسول يوجد به عقوبة واحدة جسدية وهي الجلد كحد أقصى في حالة ثبوت جريمة الزنا، وهي جريمة
يصعب إثباتها .
تقطيع الأيدي والأرجل
بخلاف:
وَالْيَدُ : النِّعْمَةُ وَالْإِحْسَانُ
تَصْطَنِعُهُ وَالْمِنَّةُ وَالصَّنِيعَةُ ، وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ يَدًا لِأَنَّهَا
إِنَّمَا تَكُونُ بِالْإِعْطَاءِ ، وَالْإِعْطَاءُ إِنَالَةٌ بِالْيَدِ ، وَالْجَمْعُ
أَيْدٍ ، وَأَيَادٍ جَمْعُ الْجَمْعِ يُقَالُ : فُلَانٌ طَوِيلُ الْيَدِ وَطَوِيلُ
الْبَاعِ إِذَا كَانَ سَمْحًا جَوَادًا الْغِنَى وَالْقُدْرَةُ ، تَقُولُ : لِي عَلَيْهِ
يَدٌ أَيْ قُدْرَةٌ . ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ : الْيَدُ النِّعْمَةُ ، وَالْيَدُ الْقُوَّةُ
، وَالْيَدُ الْقُدْرَةُ ، وَالْيَدُ الْمِلْكُ ، وَالْيَدُ السُّلْطَانُ ، وَالْيَدُ
الطَّاعَةُ ، وَالْيَدُ الْجَمَاعَةُ ، وَالْيَدُ الْأَكْلُ ; يُقَالُ : ضَعْ يِدَكَ
أَيْ كُلْ ، وَالْيَدُ النَّدَمُ ، وَمِنْهُ يُقَالُ : سُقِطَ فِي يَدِهِ إِذَا نَدِمَ
، وَأُسْقِطَ أَيْ نَدِمَ . وَفِي التَّنْزِيلِ : وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ
; أَيْ نَدِمُوا ، وَالْيَدُ الْغِيَاثُ ، وَالْيَدُ مَنْعُ الظُّلْمِ ، وَالْيَدُ
الِاسْتِسْلَامُ ، وَالْيَدُ الْكَفَالَةُ فِي الرَّهْنِ ، وَيُقَالُ لِلْمُعَاتِبِ
: هَذِهِ يَدِي لَكَ . وَمِنْ أَمْثَالِهِمْ : لِيَدٍ مَا أَخَذَتْ ; الْمَعْنَى مَنْ
أَخَذَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ . وَقَوْلُهُمْ : يَدِي لَكَ رَهْنٌ بِكَذَا أَيْ ضَمِنْتُ
ذَلِكَ وَكَفَلْتُ بِهِ . وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ : لَهُ عَلِيَّ يَدٌ ، وَلَا يَقُولُونَ
لَهُ عِنْدِي يَدٌ . لسان
العرب
اليد: معناها الوسيلة أو الأداة لإنفاذ
إرادة الإنسان، لذا فإن اليد لها عدة معاني في التنزيل الحكيم فمنها المال واليد
الجارحة والخادم والتابع والفتى ...الخ لذا نقول الجيش يد الدولة لحماية الوطن
ونقول ضربت الدولة بيد من حديد العصابات الإجرامية ويقول الإبن: لوالدي عليّ يد
لمساعته إياي في حياتي. / الرجِل: هي وسيلة الانتقال
والحركة وسمي الرجل رجلا لحركته وانتقاله المكثف في طلب رزقه وذلك لاستخدامه رجله.
ويسمي الإنسان الماشي على قدميه راجلا والارتجال هو نقل الفكرة بأسلوب سريع
ومباشر.
القطع: وضع حدّ على شيء يحدد جزء منه أو كله
ضمن حدود معينة لذا نطلق على مساحة معينة من الأرض بقطعة أرض لها حدود معينة
ووهمية ونطلق على جزء معين من الماشية بقطيع وهي مجموعة منسجمة مع بعضها أثناء
عودتها ونطلق مصطلح قطع الأرحام على الذي يخاصم ويهجر أهله.
الخلاف: هي المخالفة، وقطع الأيدي والأرجل
بخلاف يعني وقع القطع على أحدهما يلغي عمل الأخرى أو العكس. وهذه العقوبة أشد من
القتل والصلب وسوف نرى ذلك في مثالنا السابق.
فالمتظاهرون إذا عاودوا
الكرة وبدأوا بالشغب وصعدّوا من احتجاجهم وثورتهم المخالفة للقانون المسموح به (حق
التظاهر) فمن حق الدّولة أن تتدخل وتعتقلهم وتحاكمهم كفرض غرامات مالية أو كاقتطاع
جزء مهم من مرتباتهم أو حجز أرصدتهم المالية طبعا ضمن حدود القانون المسموح به ، كل
هذا يطلق عليه قطع اليّد لأن المال أهم وأبرز مصاديق اليد أو حجزهم ومنعهم من
السفر (الإقامة الجبرية) وهذا يطلق عليه قطع الأرجل، والآية تؤكد أن يتم هذا بخلاف
بمعنى أن يغرّموا ماليا ولا يتم الحجز أي الإقامة الجبرية أو العكس وليس معا. فالغاية من العقوبة هي التربية
والانضباط والتنبيه وليس الانتقام وتدمير الحياة.
النفي من الأرض: قلنا أن الأرض مكان الاستقرار
أو موقع تواجد المجتمع والنظام القائم لإدارته، حيث يخضع لمنظومة قوانين وتتوزع
فيه السلطات الثلاثة التنفيذية، التشريعية و القضائية وبالتالي فإن النفي من الأرض
هو إخراجهم من محيطهم المجتمعي و عزلهم عنه بمعنى إدخالهم السجن. فالعقوبة لا تسلط
على كل شخص لوحده وإنما جماعية لكي ينالوا جزاءهم على ما ارتكبوه. ويمكن أن يكون
النفي خارج الدّولة. فالخارجون عن قانون الدّولة ومهما كانت خروقاتهم فإنهم
يتعرضون إلى هذا النوع من العقوبات بالتدرج تبدأ بكبح جماحهم وطاقتهم تصاعديا حسب
الجرم (التّقتيل) ثم الانتقال إلى المرحلة الثانية وهي مضايقتهم وإزعاجهم من خلال
فرض غرامات مالية أو منعهم من السفر كحجز جوازات سفرهم أو وضعهم ضمن الإقامة
الجبرية (قطع اليد والأرجل بخلاف) وصولا إلى النفي (السجن) أو خارج البلاد.
على أساس فهمنا لمصطلح قطع
الأيدي ومعانيها يمكننا فهمه في التنزيل الحكيم إلى جانب التّقتيل، فالأحكام
والتشريع الذي جاء به التنزيل الحكيم هي إنسانية حضارية وليس كما يروج له بأن
شرائعه وعقوباته وحشية وهذا يرجع إلى جهل المشّرعين بألفاظه.
Subscribe by Email
Follow Updates Articles from This Blog via Email
No Comments