شبهات و بينات - عبدالباسط يحياوي

الأحد، 10 فبراير 2019

thumbnail

النبي سليمان وملكة سبا - الجزء الرابع -


سيدنا سليمان والنملة
﴿وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ(17) حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ(18) فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِين (19)﴾ النمل
نملة واعية، تتحدث، عرفت أنه سيدنا سليمان حيث ذكرته بالاسم وأنها برأته في حال تحطيم مساكنهم هو وجنوده بسبب عدم شعورهم بذلك، لها إدراك قوي ومسبق، لديهم مساكن يعيشون فيها. هل نحن هنا أمام حشرة أم إنسان عاقل، فما هي هذه النملة؟
قوله: (حتى إذا أتوا على وادي النمل) أي: حتى إذا مر سليمان، عليه السلام، بمن معه من الجيوش والجنود على وادي النمل، (قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون)
أورد ابن عساكر، من طريق إسحاق بن بشر، عن سعيد، عن قتادة، عن الحسن: أن اسم هذه النملة حرس، وأنها من قبيلة يقال لهم: بنو الشيصان، وأنها كانت عرجاء، وكانت بقدر الذيب. أي: خافت على النمل أن تحطمها الخيول بحوافرها، فأمرتهم بالدخول إلى مساكنها ففهم ذلك سليمان، عليه السلام، منها. " ابن كثير"
قصة النبي سليمان تدور حول الممالك (سيدنا داوود، سيدنا سليمان، ملكة سبأ وممالك أخرى لم يذكرها القرآن) وواد النمل والنملة : ن+ملة : شخصية تمتلك وسائل لإنشاء ملّة /منهج  والتاء المربوطة تفيد ربط الأمر بشكل نهائي و توثيقه . والملّة عبارة عن نساء تتبع القواعد و  الأوامر الصادرة من المرجعية / الأب / الآباء .، فالنملة مثل الهدهد كائن بشري عاقل وهي ملكتهم /ملكهم /حاكم ، وهذه المملكة ليست قوية مثل مملكة سبأ بدليل أنها أمرت بقية النمل (السكان) يَا أَيُّهَا النَّمْلُ وهو نداء للعاقل بالدخول إلى مساكنهم.
زد على ذلك هذا الكلام قيل بعد ما مروا بواد النمل وليس قبل وصولهم إليه نقول: أتى الرجل على الأكل أي أتمه. فهذه المملكة لم تواجه سيدنا سليمان ولم تدخل معه في مواجهة. 
﴿ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾لا يقصد به جنود سليمان بل النمل (جنود وسكان الوادي) لأنهم لا يدركون مدى قوة سيدنا سليمان لذلك أمرتهم ملكتهم بالدخول إلى مساكنهم وعدم مواجهته.
جاء في المعاجم العربية:
المسكن مصدر سَكَنَ
السَكَنُ: السُكُونُ، الطُمَأْنِينة، الراحة

﴿ فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ(36) وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ (37) وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ (38) ﴾ص
﴿ وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ (12) يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آَلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ (13) فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ (14) ﴾سبأ
﴿ وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ (81) وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذَلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ (82) ﴾الأنبياء.
الله سبحانه وتعالى سخر لنا الأنعام حيث نستفيد من لحومها وجلودها ونستعملها في تنقلنا والعمل كذلك الرياح فهي تساعد السفن الشراعية بالإبحار وفي توليد الطاقة والأمثلة كثيرة، فكل شيء في خدمة الإنسان ويستفيد منه هو مُسَخَرٌ له وبما أن لسيدنا سليمان هذه الطائرات الشراعية أو المناطيد فهو يوجهها حيث أراد بمعية الرياح الخفيفة، فسيدنا سليمان عرف قوانين الرياح واستغلها في عملية الطيران أي أصبحت طيّعة ويتحكم فيها بحيث يوجه هذه الطائرات الشراعية أو المناطيد وفقا لهذه الرياح وذلك للوصول الى المكان الذي يريده. ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ ۚ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَٰنُ ۚ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ ﴾19 الملك. فالله سبحانه وتعالى تعامل مع الطير معاملة العقلاء  صافات ويقبضن وهو وصف لنوعين من الطيران، فالصافات هو طيران مستقيم مثل الطائرة الشراعية أما يقبضن فهو دلالة على الارتفاع إلى فوق والنزول إلى تحت حسب الظروف مثل المنطاد.
﴿ وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ ﴾والمقصود هنا وغواص ليس الغوص في البحر وإنما الغوص في بحر العلوم وهم العلماء.
 وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ ومجموعة أخرى تجمع بين عملين وهم العملة المهرة والمنفذين لبحوث العلماء.
في المعاجم العربية 
صَفَد: (اسم)
الجمع : أَصفاد
الصَّفَدُ : الصِّفَادُ
الصَّفَدُ : العطاء
أقْرَنَ: (فعل)
أقرنَ / أقرنَ لـ يُقرن ، إقرانًا ، فهو مُقْرِن ، والمفعول مُقْرَن - للمتعدِّي
أقرن فلانًا : صار له نظيرًا وشبيهًا
أقْرَنَ الرَّجلُ: جَمَعَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ أو عَمَلَيْنِ
مملكة سليمان عرفت صناعة التعدين واستخراج النحاس ومن قبل كان سيدنا داوود عرف صناعة الحديد واستخراجه﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا ۖ يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ ۖ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ (10) أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ ۖ وَاعْمَلُوا صَالِحًا ۖ إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (11) ﴾سبأ. فالسابغة هي عبارة عن دروع تصنع من الحديد على شكل ثوب يلبسه المقاتل وتصنع من حلقات صغيرة تشبك مع بعضها وهذه الأخيرة تحتاج إلى عملة وحرفيين مهرة وهي مكلفة ماديا فكل سابغة تحتاج إلى مئات الحلقات أو الخواتم التي تصنع مفردة ثم تلحم مع بعضها بواسطة النار والطرق ويحتاج هذا إلى دولة قوية وأموال طائلة.
في المعاجم العربية:
سَرْدُ الدُّرُوعِ: نَسْجُهَا
السَّرْدُ : اسمُ جامعُ للدروع وسائر الحَلَق
سرَد الدِّرعَ : نسجها فشكّ طرفَيْ كلّ حلقتين وسمَّرهما
عَيْنَ الْقِطْرِ :عين النّحاس فَـنَـبَع ذائبا كالماء
﴿آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا سَاوَىٰ بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا ۖ حَتَّىٰ إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا ﴾ (96) الكهف
﴿ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ﴾
والذي يخطأ في عمله ولا يتقنه حسب ما علمناه لهذه الحرفة (استخراج النحاس وإذابته) والذي يدخل في العديد من الاستخدامات كصنع الأحواض المائية (الجوابي) المغلفة بالنحاس والجفان هي أغمدة السيوف تشبه الجيوب والأواني بمختلف أنواعها وأشكالها، فسوف يعيده مرة ثانية (غير مطابق للمواصفات) من البداية ونحن نعلم أن النحاس وما يمر به من مراحل من إذابة وطرق ...لكي تشكل به شيء هو عمل شاق ومرهق وكلّها تتم بواسطة النار مرتفعة الحرارة.( عَذَابِ السَّعِيرِ)
في المعاجم العربية:
زَاغَ عنه زَاغَ زَيْغًا ، وزُيوغًا ، وزيَغَانًا : مالَ .
و زَاغَ تباعد .
يقال : زاغَتِ الشمسُ : مالَتْ إِلى الغروب .
و زَاغَ عن الطريق : عَدَل .
في مقاييس اللغة العربية لأبن فارس
 جوب : الجيم والواو والباء أصل واحد ، وهو خرق الشيء
والجوب : درع تلبسه المرأة ، وهو مجوب سمي بالمصدر . والمجوب: حديدة يجاب بها، أي يخصف.
جَابَ القَمِيصَ : جَعَلَ لَهُ جَيْباً.
﴿ فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ﴾ سبأ 14
الموت مصير كل مخلوق، فقد تحققت واكتملت شروط الموت على سيدنا سليمان وبدأت الديدان (البكتيريا) تأكل جسده مثله مثل أي إنسان حيث بدأ بالتفكك والتحلل.
إذا انهارت مملكة سليمان بعد موته فقد كانت محل تقدير وإعجاب من طرف الممالك الأخرى لما وصلت له من قوة على جميع المستويات، فبرغم العلوم التي كان يتميز بها علماء سليمان فإنهم لم يستطيعوا دفع الموت عن نبيّهم وملكهم، فقد كانت طاقة علمهم محدودة (أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ) فقد تعرض إلى المرض ويبدو أنه مرض مزمن ولزم الفراش (فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ) بمعنى اكتملت وتوفرت شروط الموت ولم يستطيعوا فعل شيء لذا لو كانت لديهم القدرة على شفاءه لما تعرضوا للمهانة والإذلال بعد موته وزوال ملكه.
ونجد لفظة دابة الأرض تكررت في سورة النمل﴿ وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ (82ا) ﴾. الموت يقع و يتحقق بعد اكتمال شروطه، والتركيب (وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ)  وكما أشرت أن القول لا يعني الكلام و إنما الفكرة ، فالتركيب يشير الى ذلك و(أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ) والمقصود هنا بالدابة هي ما نطلق عليه (الدود) بلهجاتنا العاميّة حيث يبدأ بالنشاط (أَخْرَجْنَا) وذلك طبقا لقوانين معينة  ويبدأ بعملية التكليم أي جرح الجسد والتهامه و تفتيته (تُكَلِّمُهُمْ) وتعتبر هذه العملية رسالة إلى النفس الخاصة من وقع عليهم القول، وإلى من بقوا بعدهم على قيد الحياة ... فكرة تصل للجميع (أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ).
خلاصة القول أن النبي سيدنا سليمان ورث مملكة قوية وطوّر فيها فازدادت قوة من ناحية التنظيم الإداري والعلمي والعسكري   فقد أسس دولة مدنية وهو المشرف عليها بمساعدة المحيطين به من مستشارين في جميع الاختصاصات وكان يتشاور معهم في أمور المملكة والحكم وكان يحكم بما أنزل الله، وكان يحكم بشريعة سيدنا موسى عليه السلام وكانت له قصة مع ملكة سبأ وتناولتها بعيدا عن الخرافات والأكاذيب الموجودة في التوراة اليهودية (العهد القديم) والتي تصور سيدنا داوود أنه فتى أفاق مارس مهنة الرعي، تشرد وتخفى في عدة أماكن حتى قتل سيده واستلم السلطة من بعده. وفي فترة حكمه وسلطته كان بيته يمارس فيه الدعارة وكانت علاقته مع أبناءه سيئة للغاية ثم أنه ليس بنبي. هكذا تصوره التوراة. كما أن ملكة سبأ في زمن سليمان صوروها بأنها جاءت ومعها العديد من الهدايا غالية الثمن ومتنوعة وأنه أغواها هي ووصيفاتها وأنجب منها إلى غير ذلك... أما مفسري القرآن ومشاهيرهم الى جانب التفسير الخرافي لهذه القصة وغيرها، فقد صوروا سيدنا سليمان النبي التقي وصاحب رسالة وأوامر سماوية، صوروه بأنه إنسان يحب الغزو والأسر ذو قلب غليظ لا يعرف الرحمة حتى في الحيوانات، كالخيول التي قطّع أرجلها ورقابها لأنها أنسته الصلاة !!. فما ذنب هذه الخيول الوديعة والجميلة والحساسة والوفية أن يكون مصيرها القتل الوحشي، فالذنب ذنب سليمان هو الذي نسي وليست الخيول وتهديده للهدهد بالذبح والتقطيع ... تفاسير فيها دماء وغزو وعذاب ... إلخ حتى الشياطين والجن تلك المخلوقات الخفية كما فهموها ولا زالت إلى حد الآن لم تسلم منه، هكذا صوروا سيدنا سليمان لعدم فهمهم أصلا ألفاظ القرآن، فما الفرق بينهم وبين مزوري التوراة !!!. ؟؟. فهم مثلهم.
﴿ إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ (31) فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ (32) رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ (33) ﴾. ص
المسألة ببساطة أن سيدنا سليمان وكعادته كان يستعرض قواته من جند وعربات ... ومن ضمنها المُهْرُ التي كبرت وأصبحت قوية البنية ذات قوائم غليظة و أعناق طويلة وهي واقفة في صف منتظم و جاهزة للاستعمال وحين غابت عن الأنظار مع الفرسان المحاربين  أمر بعودتها  فشرع بمداعبتها بعطف ومسح بيده على أعناقها وقوائمها والغاية من ذلك لكي يتأكد أنها فعلا مستعدة للاستعمال ، وإن كان عكس ذلك يبقيها حتى نموها الطبيعي ، فبالرغم من الحاجة  لهذه الجياد فسيدنا سليمان كان ضد استعمال هذه المُهْرُ مثل ما كان سائدا في الممالك الأخرى لقناعته أنها لا زالت بحاجة إلى الرعاية. وهذا العمل يدّل على رقة مشاعر سيدنا سليمان ويدخل في أعمال الخير.﴿ فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي ﴾
في المعاجم العربية:
(سَوُقَ) السِّينُ وَالْوَاوُ وَالْقَافُ أَصْلٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ حَدْوُ الشَّيْءِ. يُقَالُ سَاقَهُ يَسُوقُهُ سَوْقًا. وَالسَّيِّقَةُ: مَا اسْتِيقَ مِنَ الدَّوَابِّ. وَيُقَالُ سُقْتُ إِلَى امْرَأَتِي صَدَاقَهَا، وَأَسَقْتُهُ. وَالسُّوقُ مُشْتَقَّةٌ مِنْ هَذَا، لِمَا يُسَاقُ إِلَيْهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَالْجَمْعُ أَسْوَاقٌ. وَالسَّاقُ لِلْإِنْسَانُ وَغَيْرُهُ، وَالْجَمْعُ سُوقٌ، إِنَّمَا سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْمَاشِيَ يَنْسَاقُ عَلَيْهَا. وَيُقَالُ امْرَأَةٌ سَوْقَاءُ، وَرَجُلٌ أَسْوَقُ، إِذَا كَانَ عَظِيمَ السَّاقِ. وَالْمَصْدَرُ السَّوَقُ
سَوِقَتِ الْمَرْأَةُ: حَسُنَتْ ساقُها، أَو طالَتْ وَغَلُظَتْ
أَجْيَدُ: -جمع جُود، مؤنث جَيْدَاءُ، جمع مؤنث جَيْداوات وجُود: مَنْ طال عنقه مع حُسن
عنقٌ أجْيَدُ : طويل حسنٌ .
الصافنات: الخيول الواقفة على ثلاث قوائم وطرف حافر الرابعة استعدادا للانطلاق.
طَفِقَ يَطفَق ، طَفَقًا وطُفوقًا
طفِق يفعل كذا : شَرَعَ ، اِبْتَدَأَ ، أَخَذَ ، اِسْتَمَرّ ، وهو من أفعال الشروع ، يرفع المبتدأ وينصب الخبر ، ويغلب على الخبر أن يكون جملة مضارعة طفِق يفعل الأمر.
صناعة الحديد ثم النحاس ومكان وزمان هذه الأحداث لا زالت الى حد الآن غير معروفة أو لنقل ضبابية، ونحن نعلم أن الدولة الآشورية عرفت صناعة الحديد من بعد القرن الثامن قبل الميلاد حيث بلغت أوجها وقوتها وربما سيدنا داوود طالما كان نبي وخليفة الله وسيد دولة كبرى من نسل سيدنا نوح ربما كان ملكا آشوريا ويدعم هذا أسم ابنه سيدنا سليمان، فهو اسم آشوري وورث هذه الدولة العظمى. وفي تاريخ المنطقة كانت هناك دوّل وممالك حكمتها نساء وكن قويات، وملكة سبأ ربما واحدة منهن. صحيح ان المعلومات عن الدولة الآشورية متوفرة بكثرة غير أن الكثير لم يكشف بعد ومازال تحت الأرض. والله أعلم. 
قصة سيدنا سليمان تعطينا فكرة عن حقبة تاريخية أراد الله سبحانه وتعالى أن نبحث عنها وأن ندرسها دراسة علمية بعيدا عن الخرافات وأن الإنسان توصل إلى بعض العلوم ومبادئها منذ القدم اختفت (قوانين) مع الزمن ثم بدأت تظهر في عصرنا الحاضر والشواهد على ذلك كثيرة مثل الدقة المتناهية في بناء الأهرامات أو المعابد (علم الهندسة) أو مبادئ التخدير والعقاقير كما أثبتت البحوث والدراسات التاريخية أن هناك شعوب عرفت الطيران، حيث عثر الباحثون على نماذج مسكوكات ذهبية فيها صور شبيهة بالطائرات (مصر القديمة والمايا) وهي موجودة في متاحف العالم من بينها متحف كولومبيا حيث عمد الباحثون إلى مضاعفة أحجام مقلدة لهذه النماذج (16 مرة) وتمت تجربتها فثبت بأنها تطير بشكل انسيابي وأنها قد تمت صناعتها لكي تطير.
هذه القصة لم يقع فيها الخروج عن القوانين الإلهية وهي ليست خيالية وليس فيها معجزات كما تم تفسيرها وإفهامها لنا وإنما الأحداث هي نتيجة جهود أناس عارفين عملوا بذكاء.
هذا من جهة ومن جهة أخرى أعطى الله سبحانه وتعالى مبادئ الحكم الرشيد في قصة سيدنا سليمان مسألة التشاور في أخذ القرار وعدم الانفراد به مهما كان هذا الشخص (الحاكم) وعدم الاعتداء على الغير لذا قال الله أن القصص القرآني هو عبرة وموعظة.

Subscribe by Email

Follow Updates Articles from This Blog via Email

No Comments

About