كذبة أن النبي يعقوب هو إسرائيل والإصرار على ذلك سواء في منابر المساجد أو
في الكتب أو في مختلف وسائل الأعلام وما انعكس ذلك على الساحة الشعبية بمختلف شرائحها،
ما هي إلا كذبة من أكاذيب التوراة والإنجيل تم تبنّيها بقصد وأدخلوها في كتب التفسير
وتحولت إلى عقيدة ... رغم أن التنزيل الحكيم جاء لتصحيح جميع الأكاذيب التي دسها محرفي
الكتب السماوية السابقة وإظهار مختلف الحقائق التي حاولوا إخفائها.
أعتمد أصحاب المذاهب كعادتهم على الموروث اليهودي بدون تفكير ولا بحث ولا
نقد للنصوص، ويا ليت الناس تعلم فقط ما جاء في هذه النصوص من خرافات وتعدي صارخ على
الذات الإلهية فعندما نعود لهذه النصوص التي نسجت منها قصة أن الله أمر نبيه يعقوب
بتغير أسمه إلى إسرائيل سنتفاجأ من هول الصدمة (سفر التكوين الإصحاح 32-35) فبعد مصارعة
يعقوب لله ولمكافئته سماه إسرائيل وقد برر أتباع (التوراة والإنجيل) بأنه صراع روحي
ولن أخوض في هذه المسألة، المهم أن لديهم ولدينا يعقوب هو إسرائيل وهذا هو موضوعنا. والتشكيك فيها يعتبر من المحرمات
!!!. والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا هذا التزوير والتحريف للتنزيل الحكيم؟ وما الغاية
من وراء ذلك؟
التنزيل الحكيم هو إمامنا وحجتنا وينفي تماما هذا القول:
﴿ أولئك الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ
آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ
وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَٰنِ
خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا ﴾58 مريم.
هذه الآية تؤكد أن إسرائيل ليس يعقوب فقد جاء معطوف على ذرية إبراهيم، ونحن
نعلم أن ذرية سيدنا إبراهيم هم إسحاق ويعقوب عليهما السلام ولو كان من ذريته، فما الداعي
إلى ذكره في هذه الآية مستقلا عن ذرية إبراهيم ؟ وإلا كان لغّوا ونحن نعلم أن التنزيل
الحكيم ليس فيه اللّغو.
إذا من هو إسرائيل؟ ما
هو إلا عبدا صالحا وزاهدا في حياته بدليل أنّه حرّم على نفسه أكل بعض أنواع من الأطعمة
هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن كان نبيا، فالأنبياء لا يحرّمون على أنفسهم أشياء بدون
وحي من عند الله ، كذلك في التنزيل الحكيم
ليس هناك خطاب موجه إلى إسرائيل، مثله مثل بقية الأنبياء (يا موسي إني أنا الله
...، يا عيسى أأنت قلت للناس... يا إبراهيم قد صدّقت الرؤيا...) كما أن إسرائيل لديه ذرية استمرت في عملية التكاثر
وتداخلت مع ذرية يعقوب وذرية نوح عليهم السلام جميعا.
﴿ كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا َما حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ
عَلَىٰ نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُوا بالتَّوْرَاةِ
فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾93 آل عمران.
﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ ﴾1 التحريم.
وفي التنزيل الحكيم يميز الله سبحانه وتعالى بين آل يعقوب وبني إسرائيل وهناك
العديد من الآيات في هذا الشأن، وقد بشرت الملائكة سيدنا إبراهيم جدّ سيدنا يعقوب بولادته.
﴿ وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَاءِ
إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ ﴾71 هود.
وضل أسمه منذ ولادته حتى وفاته.
﴿ أمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ
مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَٰهَكَ وَإِلَٰهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ
وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَٰهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴾133
البقرة.
وقد حسمت الآية هذا الكذب بقول الله تعالى:
﴿ أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ
وَالْأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَىٰ قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ
عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾140 البقرة
أما مسالة الأسباط فالذِكْر الحكيم ذكرهم على أنهم أنبياء وليسوا بأبناء سيدنا
يعقوب ونحن نعلم ماذا فعل أبناءه بأخيهم النبي يوسف حيث تآمروا عليه وأرادوا قتله وكذبوا
على أبيهم سيدنا يعقوب الذي حزن عليه حزنا شديدا، أهذا العمل الدنيء يليق بأنبياء
!!!.... ﴿وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ
مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ﴾ (84) يوسف
الأسباط هم أنبياء الله وليسوا من أبناء سيدنا يعقوب، فقد ذكرهم الله سبحانه
وتعالى في الذكر الحكيم على أنهم أنبياء وأنهم بعثوا ليكونوا أئمة للناس يدعون الى
الهدى والتقوى.
﴿ إنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَىٰ نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ
مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ ويَعْقُوبَ
والْأَسْبَاطِ وَعِيسَىٰ وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا
دَاوُودَ زَبُورًا ﴾163 النساء.
﴿ قولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ
وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ
وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ
وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴾136البقرة.
إذا ما الغاية والهدف من وراء هذا التحريف وإقحامه في كتب التفسير وتبنّي هذه
الفكرة وغيرها من الأمور الأخرى وجعله من العقيدة وعدم الشك في ذلك؟ لقد أراد اليهود
من وراء ذلك أن يثبتوا أن نسبهم ينحدر من النبي يعقوب، وأن يعقوب هو إسرائيل وبالتالي
فهم ينتمون إلى بني إسرائيل.
فبنو إسرائيل مثلهم مثل ذرية يعقوب وذرية نوح عليهما السلام وكلهم من القبائل
العربية التي تداخلت ذريتها في حياتها الاجتماعية والاقتصادية، والخطاب في القرآن يَا
بَنِي إِسْرَائِيلَ إنما هو للعرب، وتتحدث كتب الأنساب عن عرب بائدة وقد يكون بني إسرائيل
من هؤلاء وكذلك خطاب التفضيل والإنعام عليهم ودين الجميع هو الإسلام.
أما اليهود فلم يذكرهم القرآن إلا بصيغة الذم واللّعن الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ،
فهم عرق أو طائفة من نسل منفرد انتحلوا نسب بني إسرائيل ليوجدوا لهم موطئ قدم في التاريخ
والمنطقة العربية ، واليهودية ليست بديانة .
Subscribe by Email
Follow Updates Articles from This Blog via Email
No Comments